ثقافة

سورية تولد من جديد..

عندما نلقي نظرة إلى”التشرينين” يبدو جلياً أن تشرين يحمل إلى السوريين -سواء الأول منه أو الثاني-  الكثير مما يفتخرون به، ومع أن حرب تشرين التحريرية جاءت في الأول منه، إلا أنها لم تكن إلا نتيجة لمنجزات الحركة التصحيحية التي  سبقتها بأعوام ثلاثة حملها تشرين الثاني لنا، وكلاهما محطتان مضيئتان في التاريخ السوري المعاصر وفخر وطني نعتز جميعاً كسوريين به، وبالنسبة لي لطالما حسدت أولئك الذين عاصروا  ذاك “الزمن الجميل” الذي أهداهم أن يشهدوا بأعينهم انتصارات “التشرينين” وحظوا بأن يتزامن وعيهم مع انتصار الحق على الباطل وتغيير المفاهيم وقلب الموازين، وأولئك الذين عاشوا لحظات “لا يصح إلا الصحيح”  فكانوا جزءاً من “الحركة التصحيحية” التي تعتبر وثيقة ميلاد سورية الحديثة المزدهرة، فهل هناك أجمل من أن يكون المرء شريكاً أو شاهداً أًو معاصراً للأحداث العظيمة التي غيرت مسيرة بلده، وحملته إلى شاطئ الأمان عبر مسيرة التصحيح المجيدة التي يصادف اليوم الذكرى السابعة والأربعون لانطلاقتها تحت راية القائد المؤسس حافظ الأسد.

لم يتم إيلاء الوضع الداخلي السوري أهميةَ كبيرة قبل انطلاقة الحركة التصحيحية التي شكلت نهضة سورية شاملة، وأسست لسورية الحديثة عبر برنامج عمل ونهج سياسي ذو طابع وطني قومي تحرري وحدوي حقق إنجازات شملت كل شبر من الأرض السورية، كما أنها نقطة تحول تاريخية في مسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي من خلال حشد الطاقات وطنياً وقومياً ودولياً استجابة لإرادة قواعد الحزب وجماهير الشعب والقوى الوطنية والتقدمية، والأهم أن الحركة كانت ضرورة من الضرورات الوطنية والقومية في مجابهة التحديات، ولابد من القول أنه مع الحركة التصحيحية وحدها أصبح للشعب السوري “صوت وحضور” حيث أتى تشكيل مجلس الشعب في عام 1971 بهدف ممارسة التشريع وقد ضم ممثلين عن  الحزب والقوى والعناصر الوطنية والتقدمية والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية ومختلف فئات الشعب وشرائحه، ومع وجود صوت حقيقي للشعب ممثلاً بـ”مجلسه” تم إقرار الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية وإصداره والعمل بموجبه  في 13/3/1973 وقد تم فيه تحديد طبيعة النظام السياسي للبلاد وتكريس الأخذ بمفهوم وصيغة الحزب القائد على أساس التعددية الحزبية والسياسية، بالإضافة إلى ذلك تم  تحقيق خطوات هامة  نحو التضامن العربي وحشد الطاقات العربية، حيث بادرت سورية إلى الانفتاح على الدول العربية جميعها، وإنهاء حالة العزلة التي كانت تعاني منها وإعادة علاقاتها معها إلى وضعها الطبيعي، وبالتالي الانطلاق على طريق تحقيق الإنجازات الضخمة على الصعيدين الوطني والقومي، ولأن في “الحركة بركة” لم تتوقف خيرات منجزات التصحيح بل عم الخير والازدهار جوانب مختلفة من الحياة عبر تحقيق إنجازات كبيرة وهامة جاءت ثمارها على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وفي المجال الزراعي والصناعي والتجاري والمالي وكذلك قطاع التعليم، فتم إقامة البنى والمؤسسات المطلوبة لنظام ديمقراطي شعبي، وشهد الاقتصاد الوطني تطوراً كبيراً شمل مختلف جوانب الحياة وتم وضع وتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية في ضوء حاجات الشعب الأساسية وبناء قاعدة اقتصادية مادية قوية وواسعة يستند إليها تقدم المجتمع،وغيرها من المنجزات التي حققت الاستقرار، مما أحدث تبدلات إيجابية عميقة في بنية المجتمع السوري سارت به بخطوات متزنة نحو التقدم، فإن كانت الحياة  ترغم الإنسان على أن يولد أكثر من مرة ليزداد قوة مع كل ولادة جديدة، وإن كانت الحركة التصحيحية هي ولادة سورية الحديثة، فإن  تلك لم تكن الولادة الوحيدة  لسورية فهي في هذه الأيام تشهد مخاضاً سينجب لنا سورية جديدة وقوية ومنتصرة تليق بالسوريين وتثبت مرة جديدة أنه لن يصح إلا الصحيح.

لوردا فوزي