ثقافة

“الفرات ينتصر”.. اسكندر عبيد يغني لديرالزور المحررة

أُقيمت في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة أمسية فراتية بعنوان: “الفرات ينتصر” احتفالاً بتحرير دير الزور، بمشاركة مطرب الفرات إسكندر عبيد مع ابنه الشاب مهند، بمشاركة عازف الأورغ إبراهيم يونس، وسط حضور عدد من أهالي دير الزور الذين تفاعلوا مع لونهم الغنائي متمنين العودة إلى مناطقهم في أقرب وقت. وتأتي هذه الأمسية ضمن عدة أمسيات قدمها الفنان عبيد للمشاركة في المشهد الغنائي السوري، ولإحياء التراث الفراتي والتواصل مع جمهور دمشق، وفي هذه الأمسية نوّع بين الغناء التراثي الفراتي والعراقي مضيفاً أغنيات من ألحانه وكلماته، إضافة إلى بعض الأغنيات الشعبية للفنان دياب مشهور.
الأمر اللافت هو سمات الأغنية الفراتية من حيث اعتمادها على الموال والتقاسيم في البداية، ورغم غرابة مفردات اللهجة الفراتية إلا أن الجمهور تفاعل مع المعنى العام للأغنية التي تحكي قصة حبّ وحنين إلى الأهل والوطن، ومع الموسيقا الشعبية ذات الإيقاعات السريعة المرافقة للدبكات والرقصات الفلكلورية المفعمة بحبّ الحياة والمعبّرة عن روح الحياة الاجتماعية السائدة في مناطق الدير. تخللت الأمسية مقاطع من الشعر الشعبي للشاعر تحسين الجهجاه تناول فيها مقاومة سورية ومواجهتها الإرهاب  والتغني ببطولات جيشنا”لاجلك يا سورية قاوم، يا غرة العين”.
بدأ المطرب إسكندر عبيد بحضوره الجميل على المسرح بأغنية “ع الموليّه” ثم أغنية”اليغبوني اليغبوني أهلي وأهلك جيران اثنين” وكانت الأقرب إلى الحاضرين كونها أغنية تراثية قديمة، ليغني عبيد من كلماته وألحانه أغنية “تهنا ولقينا الشط تغير علينا” مع بعض الأغنيات الشعبية، منها يا طيور الطايرة، وبين العصر والمغرب” التي أثارت تفاعل الجمهور، وتميّز عبيد بجمالية صوته لاسيما بتفريدات الموال، وتابع ابنه مهند بأسلوب غنائي معاصر بعض أغنيات التراث وأغنية سلامات.

دور المراكز الثقافية
وبعد الأمسية أوضح المطرب والملحن إسكندر عبيد الذي يغني اللون الغنائي لمنطقة الفرات الأوسط، وهو من أعضاء فرقة الفرات الموسيقية بأن فناني دير الزور يحاولون إحياء التراث الفراتي، بقولبة بعض الأغنيات بقوالب حديثة مثل أغنية” الموليه، واليغبوني”، بإدخال نغمات الأورغ والأكورديون إلى آلات التخت الشرقي، إلا أن الآلة الأساسية المستخدمة في ألحان التراث هي الربابة، لكنها لم تعد تستخدم على المسارح إذ انحسر حضورها في الجلسات الشعبية الخاصة. وتابع بأن اللون الغنائي العراقي حاضر مع الغناء التراثي الفراتي. كما أشاد بالدور الفعّال الذي تقوم به المراكز الثقافية بدعم الفنانين بإتاحة الفرصة لهم بإقامة أمسيات والتواصل مع جمهور دمشق، مما يشكّل دعماً لموسيقي الدير بالتعاون مع الموسيقيين الأكاديميين.
التقارب العراقي الفراتي
وتحدث عازف الأورغ إبراهيم يونس عن التقارب بين روح الأغنية الفراتية والعراقية، ويعود ذلك إلى اللهجة المحكية المتقاربة والبيئة الجغرافية التي تجمعهما، ومياه دجلة والفرات التي توحدهما، إضافة إلى المناخ الصحراوي الذي يمتد على الشريط الحدودي بينهما، فلابد أن تكون هناك قواسم مشتركة من حيث خصوصية الغناء والموسيقا، والأصوات.
سألته عن طبقة الصوت المتعارف عليها في الغناء التراثي الفراتي، فأوضح بأن كل محافظة تتصف بلون خاص وبنمط موسيقي، والغناء الفراتي لم يحقق الانتشار الواسع على مدى جغرافية سورية لافتقاره إلى المتابعة الإعلامية، وينتمي إلى نمط الغناء الشعبي الموجه إلى مختلف الشرائح والأعمار مما جعل الطبقة الرخيمة المعتدلة هي السائدة في التراث الفراتي، لكن ما نشهده في جيل شباب اليوم الميل نحو المعاصرة بإتباع الغناء بطبقة صوت سوبرانو، وعن الآلات الموسيقية الأساسية، أضاف: نعتمد على آلات التخت الشرقي العود والناي والقانون والإيقاعات الشرقية مع الكمان، ومع التطور الموسيقي أُدخلت النغمات الغربية بتمازج الأكورديون والأورغ، والآن بعد أن تشتت موسيقيو دير الزور نتيجة الحرب الإرهابية التي دمرت الكثير من معالم دير الزور، سنعود ونشكّل جزءاً من المشهد الثقافي الموسيقي بعودة نشاطات المراكز الثقافية وإقامة أمسيات دورية في مناطق الدير وخارجها، لاسيما أننا نستمر بالتدريب ولم نتوقف. وتابع عن أهمية التبادل الموسيقي الذي كان سائداً قبل الحرب الإرهابية بين العراق والدير من خلال مشاركات فرقة الفرات الموسيقية متأملاً عودته.

مهرجان الأغنية الفراتية
وبيّن الكاتب والشاعر الشعبي تحسين الجهجاه المشرف على الأمسية بأن هذه الأمسية عبّرت عن فرحة أهالي دير الزور بالعودة، وتمثل انطلاقة لمهرجان الأغنية الفراتية، ومن المتوقع أن ينطلق من محافظة طرطوس ومن ثم ينتقل إلى عدد من المحافظات،  ويأتي تتويجاً لفرحة الانتصار بعد تحرير دير الزور بفضل الجيش العربي السوري، وإنهاء حصار قاتل دام ثلاث سنوات فغدت الحياة أشبه بسجن كبير، ليقول: نأمل بأن تعود الحياة الطبيعية إلى جميع مناطق دير الزور.

ملده شويكاني