ثقافة

“مطر أيلول”.. الحب الذي يحيينا نداه

لم أخف سعادتي عندما علمت بأنه ستتم إعادة عرض فيلم “مطر أيلول” للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد فقررت وبدون تردد مشاهدته ليس فقط لأن اسم الفيلم يعني لي شخصياً الكثير- فأنا من عشاق أيلول- ولكن لأن الفيلم تم إنتاجه في عام 2010 أي بمعنى آخر “قبل بدء الأزمة السورية” وهذا سيضمن لي بأن الحكاية المنسوجة سينمائياً لابد ستكون عن حياة سورية طبيعية “بدون حروب” وفسحة-ولو لفترة محدودة- للهروب من حرب وأدت أحلامنا، وعلى الأقل لابد سيقدم لي فرجة خالية من وجع أعيشه يومياً مثل أي سوري.

أخذنا فيلم “مطر أيلول” إلى حالات حب غاية في الجمال والرقة فهو يروي حكايات عشق مختلفة قدمت وجوهاً متعددة لعلاقات الحب الحقيقي ضمن ثنائية الخير والشر الموجودة في كل زمان ومكان وليس فقط في دمشق، الذي بدا الفيلم برمزيته مثل “جرس إنذار” يحذر تلك المدينة الغافية بأمان ولطف عن هول ما قد تحمله لها القادمات من الأيام، هي إشارة حملها الفيلم بدون حتى أن يقصد القائمون عليه ذلك، لذا مرت آنذاك دون أن ينتبه لها أحد، لكن تلك الغفوة لم تطل لأن العام الذي تلا عرض الفيلم تجاهل ذاك الإنذار وجاء محملاً بواقعة هزت الجميع وأيقظتهم من سباتهم، تماماً كما هزني وأسرني المشهد الأكثر “تأثيراً وحساسية والأكثر مطراً” في الفيلم وهي اللحظة التي أغلقت شبابيك المحبوبة في وجه العاشق مازن “يامن حجلي” تلك اللحظة التي اختصرت عمراً من الانكسارات، فالشاب العاشق “كبر وشاخ” في ثوان عندما أوصدت أبواب الأمل وتحول من شاب قادر على تحمل كل الآلام إلى ضعيف عاجز عن تحمل الفراق ضمن مشهد أقل ما يقال عنه أنه “حساس بامتياز” واستطاع ببساطة وبحرفية عالية إيصال فكرة “شيخوخة شاب” ما يزال في ربيع العمر، ورغم تقطيع المشاهد والتنقل السريع بينها والذي تسبب بتشتت الخيوط الأولى لبداية الفيلم، ورغم بعض المماطلة في تقديم حكايته إلا أن ذلك المشهد لم يكن الوحيد الآسر، لأن دمشق تخطف العقول والقلوب في كل مشاهدها وفي كل صورها، خاصة إذا كانت تلك الصورة قد التقطت قبل أن تلوثها الحرب، فدمشق التي أطلت علينا في “مطر أيلول” لم يكن “ربيع آذار” الأسود قد مر عليها بعد، وكانت ما تزال صافية وجميلة وآمنة، وجعلتنا نتمنى لو أننا نستطيع إيقاف الزمن عند لحظة تصوير الفيلم لأننا كما قال بطله (أيمن زيدان) لم نكن نعلم بعد حجم الحزن المخبأ وراء الأبواب، ولأننا نحتاج اليوم أكثر من أي يوم إلى فسحة الأمل التي حملها لنا الفيلم في مشهده الأخير.

لوردا فوزي