الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

هل ترامب شرّ مُفرَد؟!

عبد الكريم الناعم

أرجو ألاّ يُفاجأ أحد بالتساؤل المطروح أعلاه، فبعض العرب، يرى فيه شرّاً مطلَقا، وربّما بدا له أنه مفاجئ، وتلك نظرة سطحيّة، ومتسرّعة، وذلك لأنّ أمريكا منذ أنْ أصبحت دولة قويّة، بل وما قبل ذلك، منذ نشوء هذه الدولة على جماجم الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليّين، كانت رمزاً من رموز الشرّ، وهي حين تحالفت مع الدول الأوروبيّة ضدّ النّازيّة، لم يكن ذلك بدوافع خير تنحاز إليه، بل هي انحازت لِما يحقّق مطامحها الامبرياليّة، وكلّ الرؤساء الأمريكان الذين تعاقبوا على الحكم لم يكونوا خيرا من ترامب، فأمريكا التي تبنّت مشروع قيام كيان إسرائيل، وحماية هذا الكيان، ومدّه بأسباب القوّة والاستمرار.. أمريكا هذه ذاتها لم يتغيّر فيها شيء، ولا يغيّر من هذه الحقيقة ماكتبه بعض الرؤساء الأمريكان بعد خروجهم من مناصبهم، فهم في المنصب أدوات بيد شركات السلاح الكبرى، وشركات الاستثمار، ولا أنفي أن يستيقظ في بعضهم شيء من لوم الضمير، بعد زوال المنصب، فيكتب بعض ما يُرضي الحقيقة، أقول (بعض) ليس إلاّ، وهم بذلك يحوّلون مذكراتهم إلى تجارة جديدة رابحة. تُرى ماالذي فعله ترامب جذريّاً، ولم يفعله مَن سبقه؟!
مَن يدقّق سيجد أنّ ترامب قد قدّم للجماهير العربيّة والإسلامية ما لم يقدّمه غيره، فهو فضح دور مملكة بني سعود حتى التعرية، بحيث لم يُبق لها سترا يغطّي عورتها، ومَن يتمكّن من توجيه قاطرة بني سعود فسوف يجرّ بقيّة ما يسمّى دول النفط الخليجي، ومعها الأردن، كدولة وظيفيّة منذ أُنشئت.
لقد ظلّت تلك الدول منذ نشوئها، ومنذ أن اندلعت المعركة مع الكيان الإسرائيلي تتستّر بالمسألة الفلسطينيّة، وتُعلن أنّها في صفّ الدفاع عن الحقّ الفلسطينيّ، بل ومرّت سنوات كانت قاطرة في الاتجاه،! وهي في الخفاء تقوم بكلّ ما ترضى عنه إسرائيل، ولا بدّ من التّذكير بدور المملكة المغربيّة التي سبقت الآخرين في التعاون السري والعلني مع الكيان الصهيوني. تُرى ما الذي خسره العرب والمسلمون في هذه اللعبة الفضائحيّة؟!
إنّهم لم يخسروا شيئا، بل يمكن قول العكس بأنّ هتْك تلك الأستار قد وضع حلف المقاومة أمام حقائق لا غبش فيها، ولا ضبابيّة، فكلّ شيء مكشوف حتى القهر الذي ما بعده قهر، وهذا يعني أنّ على هذا الحلف، في مواجهاته الداخليّة والخارجيّة، أن يضع في اعتباره أنّ حلف الكيان الإسرائيلي وقد أضيف إليه انحياز تلك الدول، وأنّ عليها أن تضع الخطط طويلة الأمد لمواجهة هذا الحلف الصهيوأمريكي الأعرابي،
ماذا بعد تلك المليارات التي تبرّع بها بنو سعود لواشنطن؟! ماذا بعد القائمة التي قُدِّمت لمحمد بن سلمان، وعرضها ترامب على شاشات التلفزيون، وشرح تفاصيلها بطريقة مُذلّة، وكان على وليّ العهد الانصياع؟!
إنّ رئيسا (بلطجياً) كترامب، قادم من سوق الصفقات العقاريّة، بإمكانه أن يفعل كلّ ما فعل بمثل هذه الفضائحيّة.
نحن في حلف المقاومة أمام عصر جديد، يُفترَض أن نجيد افتتاحه ليكون تأسيسا لأزمنة، تحريرية، تحرّريّة، ديمقراطية، جديدة.
أعتقد أنّ من سمّى واشنطن الشيطان الأكبر قد أصاب كبد الحقيقة..
aaalnaem@gmail.com