ثقافةصحيفة البعث

بسام الملا.. عرّاب الدراما الدمشقية

رحل من لُقّب بـ”آغا الشام” و”عرّاب الدراما الشامية” و”صانع الحكايات الشامية” الذي أدهشنا بحكاياته التي أصغى إليها المُشاهد في جميع أنحاء الوطن العربي وأصبح ينتظرها ليتابعها على المحطات، ويتفق الجميع على أنه أهم مخرجيها وكان له الفضل في انتشار الدراما السورية عربياً، لذلك شكَّل رحيله صدمة كبيرة لكل العاملين في الوسط الدرامي والذين سيفتقدون برحيله مخرجاً استثنائياً وعلامة فارقة في مسيرة الدراما السورية كمخرج استطاع أن يخطَّ لنفسه – باجتهاده – طريقاً خاصاً به وأسلوباً أصبح ماركة مسجلة باسمه، مستفيداً مما حفل به التراث الشامي، ومطلاً من خلال أعماله على عادات أهل الشام وتقاليدهم، وكانت البداية بإخراجه لمسلسل “أيام شامية” عام 1993 والذي كان الخطوة الأولى لسلسلة من الأعمال التي تتناول البيئة الشامية، حيث أتبعه بأعمال شكَّلت نقلة في شكل ومضمون الدراما السورية مثل “الخوالي” و”ليالي الصالحية” و”باب الحارة” الذي نال جائزة أحسن إخراج عن الجزء الأول في مهرجان التلفزيون العربي في تونس عام 2007 والذي وصفه البعض بالملحمة الدرامية، حيث حقق منذ الجزء الأول نجاحاً منقطع النظير في جميع أنحاء الوطن العربي، وما زال حتى اليوم بالنسبة للمشاهد العربي أحد أهم أركان ما يُقدَّم له درامياً، وبفضله تحول المشاركون فيه إلى نجوم، وبات من لم يعمل به لم يحمل جواز عبوره إلى قلب المشاهد العربي.

حول عدم خروجه من أسوار الشام في أعماله الدرامية صرّح بسام الملا أن مسلسل “باب الحارة” أصبح بالنسبة له كابوساً وكان يتمنى أن يكتفي بإخراج الأجزاء الثلاثة الأولى فقط، وسبب الاستمرار به كان ناتجاً عن التزامه مع المحطة المنتجة، وكم كان يتمنى وقوعه على نص معاصر مناسب ليقوم بإخراجه إلا أن ذلك لم يتحقق، معبّراً عن إعجابه الشديد بما كان يقدمه حاتم علي والليث حجو .

شخصية سورية شعبية

وبيّن الإعلامي منصور الديب أن أهم ما قام به المخرج بسام الملا في نتاجه الدرامي صياغته لشخصية سورية شعبية محببة نجحت في الوصول إلى الجمهور العربي الكبير في زمن الفضائيات من خلال تحويل كل ممثل في كل مشهد إلى بطل له أفعال الأبطال في دائرته مهما صغرت، لذلك تميزت هذه الشخصيات برأيه بحرارتها وعلاقتها المتوترة مع المُشاهد، فحققت ذلك النجاح، واستطاعت دراما البيئة الشامية أن تكون بيئة خصبة للتنوع ومولّدة أصيلة للشخصيات النمطية التي سمحت له بكل هذا الثراء بعد أن نجح الملا في بناء المشهد، مركّزاً على الأفعال البسيطة حتى جعلها حالات درامية كبيرة تثير انتباه الجمهور في كل مشهد، مؤكداً الديب أن لا مَشاهد عابرة في أعمال الراحل الذي كان يهتم بأدق التفاصيل الدرامية.

الشرارة

وكتب الفنان عباس النوري على صفحته بعد سماعه نبأ الرحيل وهو الذي أدى شخصية أبو عصام في مسلسل “باب الحارة” يقول: “كان شريكاً حارّاً لكل من حوله.. يقرأ ويتمعن في ما يقرأ، وينتظر رأي الجميع قبل رأيه.. يعترف بقدرة الغير من دون خجل، ويستفيد منها بلا تحفظ، تاركاً للشهود أن يكتشفوا قوة قيادته لتجميع أو تكوين الرؤية النهائية، ويكفيك أنكَ كنتَ شرارة مستحقة لكل الأعمال الشامية التي أتت بعد تجربتك الأولى في مسلسل “أيام شامية”.

بدأ بسام الملا مسيرته كمساعد مخرج في مسلسل “تجارب عائلية” مع الراحل علاء الدين كوكش، ثم مخرجاً منفذاً في “حصاد السنين” ليكون مسلسله الأول إخراجاً “كان يا ما كان – الجزء الأول” عام 1990 ، من تأليف داوود شيخاني وهو دراما للأطفال في ثلاثين حلقة، ثم “الخشخاش” عام 1991، ومن ثم مسلسل “العبابيد” 1997 الذي مهّد الطريق أمام الأعمال ذات الإنتاج الضخم.

هو من مواليد دمشق 1956 وينتمي إلى عائلة فنية عريقة، فوالده الفنان الراحل أدهم الملا وأشقاؤه المخرجون مؤمن وبشار الملا والممثل مؤيد الملا.. وأنجز الملّا عدداً كبيراً من البرامج الثقافية في تسعينيات القرن الماضي، منها: “بوابة التاريخ، ديوان العرب، أعلام العرب، قناديل رمضان” وفي رصيده عدد من برامج المنوعات، أبرزها “القنال 7” 1984 “الليل والنجوم” 1986 “بساط الريح” دبي 1993 “داود في هوليوود” الكويت 1998 “ليل يا ليل” و”ابتسامات بيروت” 2000.

أمينة عباس