دراساتصحيفة البعث

الصيــن لــن تتأثــر بســياسات واشــنطن

ترجمة: عناية ناصر

عن موقع غلوبال تايمز 31/8/2019

في كل يوم يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات تسيء للسلوك الأمريكي وتسيء لعلاقات الولايات المتحدة مع جميع دول العالم، وهذا بالضبط ما يزيد من التوتر العالمي وخاصة في الشأن التجاري، وهو الشيء الذي يراه الجميع مؤخراً في الحرب التجارية مع الصين.

أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال تغريدته على “تويتر” الشركات الأمريكية بـ”البدء فوراً بالبحث عن بديل للصين”. صدمت التغريدة مجتمع الأعمال الأمريكي وتسبّبت في استياء شديد. قال ترامب إنه “ليس لديه خطط الآن” لاستخدام قانون القوى الاقتصادية الدولية الطارئة لإجبار الشركات على مغادرة الصين. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق عن ترامب  قوله: “في الواقع نحن نتعاون بشكل جيد مع الصين في الوقت الحالي”. كانت الإدارة الأمريكية تزيد باستمرار من الأصوات المتناقضة حول الحرب التجارية والعلاقات الصينية الأمريكية، وبسبب التحركات الأمريكية المتهورة، تصاعدت الحرب التجارية باستمرار بين الجانبين، وتراجعت الولايات المتحدة عن تهديدها بإبعاد الشركات عن الصين، لكن الاتجاه المتدهور في العلاقات بين واشنطن وبكين لم يتغيّر. وبدلاً من أن يكون للتهديد الأمريكي الأخير تأثير جديد على الصين، جلب المزيد من الفوضى للولايات المتحدة نفسها. كما قيّم المجتمع الدولي موقف الولايات المتحدة تقييماً سلبياً للغاية.
في المقابل، لم تتأثر الصين بتصريحات ترامب، لأن بكين كانت مستعدة نفسياً لمزيد من التدهور في الحرب التجارية، وكانت تتخذ استعداداتها المختلفة للتعامل مع الوضع، فالصين لديها سوق ضخمة، ولطالما كان الطلب المحلي أكبر قوة دافعة للتنمية الاقتصادية في البلاد، كما يعدّ النظام السياسي في الصين ميزة إضافية للحفاظ على الاقتصاد المستقر للبلاد في مواجهة الهستيريا الأمريكية. كما تتمتّع الصين أيضاً بثقة كافية في السوق الصينية، والتي تعتبر بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات من أي بلد، كبيرة جداً ومهمّة للغاية، ولا يمكن الاستغناء عن الميزة الفريدة التي تتمتّع بها الصين كمركز للتصنيع، في حين أن القوة الشرائية للسوق الصينية تعدّ بمثابة شريك مثالي للتصنيع في الصين، وفي حال قامت الشركات الأمريكية بنقل مصانعها إلى خارج الصين، سوف تسلم هذه السوق الكبيرة لمنافسيها وستعاني من أكبر الخسائر. حتى الآن تضعف العلاقة بين الاقتصاد الصيني والولايات المتحدة تدريجياً، وإذا استمر هذا الاتجاه لفترة طويلة، فسيتمّ إعادة تشكيل نمط الإنتاج العالمي. لذلك يجب على واشنطن أن تدع صورتها بعيدة عن التشويه إذا كانت ترغب في البقاء على حالها.

في عالم اليوم من أنماط الإنتاج، لا يمكن لأي دولة تهميش الصين بعد الآن، فأي دولة تقطع علاقاتها الاقتصادية مع الصين بالقوة ستؤذي نفسها، ولن تكون مثل هذه الخطوة على الإطلاق ورقة مساومة للقوى الخارجية لممارسة الضغط على الصين. وعليه تلقى ترامب بعد تغريدته معارضة وتشكيكاً، الأمر الذي أظهر أن اقتراحه غير الواقعي كان غير ملائم. وفي السابق كانت الولايات المتحدة تدلي ببيانات دون توقف عن الحرب التجارية، ولهذا لا ينبغي أن تتأثر الصين بأي منها، وطالما استمرت القدرات التكنولوجية والصناعية الشاملة في الصين في التحسّن، وسوقها مستمرة في التوسع، فإن كل من يريد فرض عقوبات ضد الصين سيتكبّد هو خسائر اقتصادية. يجب على الصين الهدوء، بغضّ النظر عما تقوله واشنطن، ويتعيّن على بكين التمسك بمزيد من الانفتاح وعدم الاكتفاء بالشركات الأمريكية. وبهذه الطريقة، لا يمكن لأي بلد أن يُخضع الصين، ولا يمكن لأي بلد أن يجعل الصين تفقد تركيزها.