صحيفة البعثمحليات

بعد نجاح تثبيت العضوية في الاتحاد الدولي لعلوم الفضاء والفلك خطوات جادة لإطلاق القمر الصناعي السوري.. وقريباً إحداث مرصدين في مصياف والنبك

 

دمشق – ميس خليل
مع التطور الكبير والمتواصل في علوم الفضاء واستكشافه، والتي كانت مجالاً للمنافسة بين الدول العظمى ومازالت تحت مسميات حرب الفضاء، إلا أن ذلك لم يمنع أن تكون سورية بالرغم من كل ظروف الحصار والحرب الإرهابية والحرمان من التكنولوجيا المتطورة في تسجيل اسمها في هذا المجال العلمي الرائد باكتشاف الكواكب وتوثيقها دولياً، والسعي بقوة للدخول في إطلاق الأقمار الصناعية بخبرات وطنية بحتة.
الدكتور محمد العصيري رئيس الجمعية الفلكية السورية أوضح في حوار مع “البعث” أنه في عام 2005 تأسست جمعية هواة الفلك “سابقاً”، ليتحول اسمها لاحقاً للجمعية الفلكية السورية، وكان الهدف من إحداثها إيصال علوم الفضاء والفلك إلى شرائح مختلفة من الناس، فكان دور الجمعية أن تكون صلة الوصل بين هواة وعشاق هذا العلم وبين علوم الفضاء والفلك، خاصة أن سورية كانت من أوائل الدول التي درست علوم الفضاء والفلك عام 1948، ولديها هيئة عامة للاستشعار عن بعد.

رحلة الانضمام
رئيس الجمعية ذكر أنه بعد تحرير مدينة تدمر الأثرية استطاعت الجمعية اكتشاف كوكب وتسميته باسم “كوكب تدمر”، ويعد من أهم إنجازاتها، إضافة إلى نجاحها لاحقاً في إطلاق اسم عالم الفلك العربي محمد الطنطاوي على أحد الكويكبات، وذلك في منافسة جديدة أطلقها الاتحاد الدولي للفلك.
العصيري أشار إلى أنه بعد الإنجازات التي حققتها الجمعية كان التصميم لدخول المعركة الأكبر، وهي دخول سورية في الاتحاد الدولي للفلك، خاصة مع وجود صعوبات عدة بحيث تم إرسال 800 صفحة من المراسلات للاتحاد، وقوبلت جميعها بالرفض بحجة عدم امتلاك سورية مرصداً فلكياً ومنهاجاً واضحاً، وعدم وجود دراسات علمية تُنشر من سورية بعلوم الفضاء والفلك، وعليه طالبنا ببناء مرصد، ولكن العقوبات الغربية منعتنا من استيراد المرصد؛ لذلك توجهنا لبناء مرصد بأيدٍ سورية، ومن ثَم تم إرسال عدد كبير من الدراسات، وإدخال مادة الفلك للمناهج بالتعاون مع المركز الوطني لتطوير المناهج الذي ساعدنا بشكل كبير في أن يكون في مادة الجغرافيا معلومات عن الفلك، كما أدخلنا لبعض الجامعات مادة الفلك، وتفاجأ حينها الاتحاد الدولي بعدد المشاركين بالنشاطات الفلكية التي تقيمها الجمعية بحيث شارك مايقارب 3000 شخص برصد خسوف عام 2018، وكانت كل تلك الإنجازات سبباً لتحصل الجمعية على عضويتها في الاتحاد الدولي لعلوم الفضاء والفلك من خلال التصويت بالإجماع من قبل الدول المئة الأعضاء فيه للانضمام، وذلك في ختام المؤتمر الـ “30” المنعقد بفيينا عام 2018.
العصيري بين أن هناك تعاوناً دائماً مع الأمم المتحدة في المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء، ويتم إرسال الوفود والتقنيين لكل الدول لمتابعة تحصيلهم العلمي. أما عن فروع الجمعية فلها فروع في عدة محافظات (حلب، حمص، حماة، مصياف، طرطوس، اللاذقية)، ويتم حالياً تجهيز فروع السويداء ودرعا، منوهاً إلى أن الجمعية كان لديها فروع في محافظتي دير الزور والحسكة، ولكن استشهد أعضاؤها نتيجة الأعمال الإرهابية.
وأكد رئيس الجمعية أننا بأمس الحاجة إلى هذا العلم؛ فأجهزة الخلوي والاتصالات الفضائية والبث التلفازي والمناطق الزراعية والمياه الجوفية والطاقة، كلها تعتمد على علوم الفضاء والفلك، وبالتالي يجب أن يكون لنا دور في نشر هذه الثقافة، ومن هنا توجهنا للمدارس لتنظيم نشاطات فلكية فيها.

بالأرقام
وفي حديث الأرقام تحدث العصيري عن وجود مرصد فلكي خاص بالجمعية، ومرصدين قيد الإنشاء في مصياف والنبك بريف دمشق، وتمتلك الجمعية 40 تلسكوباً، منها 8 متطورة ومؤتمتة في المحافظات، بالإضافة إلى التلسكوبات الخاصة بتحديد بدايات الأشهر القمرية كرمضان وشوال، إضافة لأجهزة متطورة لتحديد مواقيت الصلاة ومراقبة الاحتباس الحراري ونسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون والتلوث الجوي، في حين وصل عدد الفلكيين المنتسبين للجمعية إلى أكثر من 3000 منتسب، ويبلغ عدد العاملين من مختلف المحافظات 250 عضواً، وفي دمشق 120 من الفاعلين في مجال علوم الفضاء والفلك موزعين إلى ثلاثة قطاعات؛ القطاع الأول المبادرات الشبابية، وهم الشباب الذين ينظمون النشاطات، والقطاع الثاني مشرفات ومشرفو المرصد الفلكي، ومهمتهم إقامة النشاطات في المرصد الذي يضم عدة قاعات، منها القاعة الفلكية والقبة الفلكية، وهي غرفة للأطفال سوداء اللون تماماً، وتتوزع فيها النجوم، ويُستقبل فيها الأطفال من جميع المدارس، إضافة للقطاع الفلكي الصغير الذي يتم فيه استقبال الأطفال من سن العاشرة ومادون بهدف تنمية وهواية علوم الفضاء والفلك لديهم.

تشبيك وتعاون
وعن الجهات التي تتعاون معها الجمعية أشار العصيري إلى أن هناك تواصلاً مع عدد كبير من الجهات الحكومية، منها وزارة التربية التي تعاونت مع الجمعية بشكل كبير من خلال تسهيل دخولها للمدارس، فهناك يوميًا نشاط فلكي في إحدى مدارس دمشق، كما أن هناك تعاوناً مع وزارة الخارجية التي وضعت ثقتها بالجمعية كونها الجهة المناسبة لتمثيل سورية في المركز الإقليمي لتدريس تكنولوجيا العلوم والفضاء، إضافة للتواصل الدائم مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال زيارة المكفوفين وذوي الاحتياجات، ولدينا نشاطات خاصة بهم، والتعاون مع وزارة التعليم العالي من خلال النشاطات التي تجرى في الجامعات، ومع الأوقاف من خلال تكليف الجمعية برصد الهلال، كما ساعدت وزارة الثقافة بفتح مراكزها الثقافية للقيام بالنشاطات، وسيكون هناك تعاون قريب مع وزارة السياحة بهدف تعريف الكروبات السياحية على أنشطة الجمعية وإنجازاتها.
أما عن التعاون مع الدول الصديقة في هذا المجال فأوضح العصيري أن هناك تعاوناً كبيراً مع روسيا، إضافة للتعاون مع الصين وإيران، وستشارك الجمعية في مؤتمر المناخ العالمي الثاني الذي ينعقد في الصين التي خصت الوفد السوري بدورة تدريبية على استخدام تقنيات وتكنولوجيا الفضاء، وسيتم التجهيز لتبادل طلابي معها.
وحول سؤال رئيس الجمعية عن مدى قدرتنا على تكرار التجربة الأولى والوصول إلى الفضاء مرة أخرى ذكر أنه لدى سورية الكادر المؤهل، ولكن لا يسمح لها بدخول محطة الفضاء الدولية نتيجة العقوبات الغربية، إلا إذا تمكنا من ذلك بإمكاناتنا الذاتية، وهذا أمر صعب جداً، ولكنْ هناك طموح لإطلاق القمر الصناعي الخاص بنا، فهناك مرسوم جمهوري بإحداث وكالة فضاء عربية سورية، وعليه بمجرد رفع العقوبات عن سورية سنعمل على إطلاق القمر الصناعي الخاص بنا.