دراساتصحيفة البعث

تصاعد المقاومة السورية للاحتلال الأمريكي

علاء العطار

أمر ترامب بانسحاب مفاجئ للقوات الأمريكية من سورية في تشرين الأول من عام 2019، لكنه سرعان ما عدل عن قراره، وأعاد توجيه نحو خمسمائة جندي أمريكي لاحتلال حقول النفط السورية لتتخلى الولايات المتحدة بذلك عن هدفها المزعوم بمحاربة تنظيم “داعش”، الذي لم يكن يوماً عدوها، وتباشر بنهب النفط وغيره من ثروات البلاد، ضاربةً القانون الدولي بعرض الحائط.

في ذلك اليوم من تشرين الأول عام 2019 ودّع السكان المحليون المدرعات الأمريكية وهي تغادر القامشلي بوابل من الحجارة والخضراوات المتعفنة، لكن اليوم بعد مضي ستة أشهر باتت قوات الاحتلال الأمريكي تواجه السكان الغاضبين ومقاومتهم شبه اليومية، ما يعني أن الاحتلال الأمريكي غير الشرعي لسورية سيشهد تطورات جديدة وربما “المقاومة المسلحة” المباشرة.

وبعد كل هذه التطورات، يحاول ترامب حجب معلومات عدد الأفراد العسكريين والمدنيين في أفغانستان والعراق وسورية، لأنه نكث بوعده الذي قطعه في انتخابات عام 2016 بإعادة القوات الأمريكية من أفغانستان والشرق الأوسط، وباتت تعامل هذه المعلومات كملفات عالية السرية، لأنها قد تطيح بأحلام ترامب خلال انتخابات 2020.

لكن قد تأتي ضربة ترامب القاسمة من “كوفيد 19” هذه الجائحة التي لم يعرف ترامب التعامل معها، فقد ذكر البنتاغون أن 3500 من العسكريين الأمريكيين في الخدمة مصابون بفيروس كوفيد 19، وأُدخل 85 منهم المستشفى، ومات اثنان، وعندما تضم المدنيين والمقاولين إليهم، تقفز الأرقام إلى أكثر من 5700 إصابة، بينهم 25 وفاة.

ويخشى خبراء الصحة أن ينتشر الفيروس كانتشار النار في الهشيم بين صفوفهم، وقد تتسبب تحركات القوات الأمريكية بين سورية والعراق في انتشار الفيروس في البلاد، إذ إن أعداد المصابين في العراق كبيرة جداً، لذا يعي السوريون جيداً الخطر المحدق بهم جراء تواجد هذه القوات في أراضيهم، فأول حالة وفاة بفيروس كوفيد 19 أُبلغ عنها في سورية وقعت في القامشلي، أي المنطقة التي تحتلها القوات الأمريكية، وهذا يدعم احتمال انتقال الفيروس إلى سورية بسبب هذه القوات.

بيد أن وزارة الصحة السورية تعمل عن كثب مع منظمة الصحة العالمية ولديها مركز طبي في دمشق للتحقق من الإصابات، لكن الاحتلال الأمريكي لشمال شرق سورية، بالأخص القامشلي، يصعب مهمة وزارة الصحة، ولولا وجود بعض القوات السورية والروسية وتعاون الأهالي معها، لما استقر حال سورية واستعدت لمواجهة الجائحة، بل إن هذه الجائحة أثبتت مدى فعالية الدولة السورية ووجوب إعادة جميع الأراضي إلى سيطرتها.

وعن الفيروس، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في الثالث والعشرين من نيسان الفائت: “توجد تقارير تفيد بانتشار عدوى فيروس كوفيد 19 في صفوف القوات الأمريكية في سورية بوتائر عالية يتم التكتم عليها تنمّ عن انفجار في حصيلة الإصابات”، وأكدت على أن القوات الأمريكية تتواجد على الأراضي السورية بصورة تخالف القانون الدولي، مضيفة: “تتحمل واشنطن كامل المسؤولية عن سلامة المدنيين وتلبية احتياجاتهم الإنسانية في الأراضي الخاضعة لسيطرتها في شرق الفرات وفي جنوب البلاد بمنطقة التنف، حيث يقع مخيم الركبان سيئ الصيت”.

تقع قرية خربة عمو في شرق القامشلي، وظلت هذه القرية تحارب الوجود الأجنبي طوال سنين الحرب، وفي 12 شباط من هذا العام، علقت دورية عسكرية أمريكية في الوحل وثقب إطار مدرعة أخرى من مدرعاتها، فوجد الغزاة الأمريكيون أنفسهم عالقين في هجوم شرس شنه الأهالي بالرصاص والحجارة وهم يصرخون: “ماذا تريدون من بلادنا؟ ما شأنكم هاهنا؟” ففتحت القوات الأمريكية النار على القرويين، ما أسفر عن استشهاد أحدهم وإصابة آخر.

وفي الثالث والعشرين من آذار، اعتُرضت قافلة عسكرية أمريكية في قرية حمو بالقرب من القامشلي، حيث أُرغمت إحدى عشر مركبة على الالتفاف والعثور على طريق مختلف، إذ شارك الأهالي الجيش العربي السوري بشرف مقاومة المحتل.

وقُتل ضابط من قوات الاحتلال الأمريكي في السادس من نيسان بكمين نصبه الأهالي قرب قرية الوسيعة التابعة لناحية الصور بريف دير الزور، حيث أمر ترامب القوات الأمريكية بسرقة النفط، وبحسب ما ورد، قُتل في الكمين اثنان من عناصر ميليشيا “قسد” المدعومة من الاحتلال الأمريكي.

وفي السادس عشر من نيسان، أجبر أهالي قرية أبو قصايب الجنود الأمريكيين على الالتفاف بقافلتهم عائدين إلى قاعدتهم غير الشرعية، وهذا يبيّن أن المقاومة المحلية للاحتلال العسكري في سورية تكتسب زخماً.

شوهد الجيش الأمريكي في الثامن عشر من نيسان يعبر بصورة غير شرعية من العراق إلى سورية من معبر الوليد الحدودي في طريقهم إلى الحسكة، تألفت هذه القافلة العسكرية من نحو 35 شاحنة تحمل معدات عسكرية ولوجستية لسرقة النفط ونهب الموارد الطبيعية الأخرى في سورية.

وتعرضت هذه القافلة في الثاني والعشرين من نيسان لهجوم بالحجارة نفذه أهالي قرية الفرافرة بالقرب من القامشلي، وطارد الرجال والفتيان الأمريكيين راجلين وهم يهتفون: “عودوا من حيث أتيتم”.

وفي 27 نيسان، هاجم أهالي دير الزور عربة همر أمريكية تحمل جنوداً أمريكيين، ثم عثر على هذه العربة لاحقاً محترقة تماماً، لكن مصير جنودها لا يزال مجهولاً، الذين كانوا يتجهون إلى حقلي النفط العمر والتنك، اللذين يحتلهما الجيش الأمريكي لسرقة النفط بأمر من ترامب، وقال شهود عيان لقناة الميادين: إن جنديين منهم اختطفا.