اقتصادصحيفة البعث

“تجارتنا الداخلية وحماية المستهلك” بين قوسي وزراء وقرارات!

ما الذي سيتغير؟! سؤال مشروع طرح ولايزال يطرح، إثر تعيين وزير جديد لوزارة التجارة وحماية المستهلك طلال البرازي، خلفا للوزير عاطف النداف.

ونظرا لكثرة تنوع أراء المواطنين في هذا الخصوص، وتعلقهم ببصيص حل أو إجراء يضع حدا لما هم فيه من معاناة تسعير وأسعار، أفقدتهم جل ما يستطيعون من محاولات تامين متطلباتهم المعيشية اليومية في أساسياتها، ونظرا لضرورة تبيان وتوضيح، قدرة ومقدرة الشخصية الوزارية، في إحداث التغيير المنشود، وبالمقابل تبيان وتوضيح الظروف والحالة التي تحكم وتتحكم بتلك القدرة والمقدرة، كان واجبا وضع المواطن في صورة الواقع الوقائع التي يمكن  أن تخدم، أو لا تخدم، تلك الشخصية في إمكانية تحقيقها ونجاحها فيما كلفت به من مهام ومسؤوليات..

الخبير الاقتصادي سامر الحلاق، وتفصيلا في الرد على ما تقدم، كشف لـ “البعث”، استنادا لدراسة ومتابعة تاريخ قطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ووفقا لمعلومات وأسس علمية اقتصادية تحليلية لغلاء الأسعار في مراحله وأسواقه، ودور الوزير والوزارة (الإدارة الرشيدة)، في هذا الملف المزمن في الاستعصاء على الحل، أن غلاء الأسعار في الفترة الماضية (تدريجياً منذ 6 شهور)، لم يكن سببه الوحيد وزير التجارة الداخلية، فأغلب الأسباب التي ساهمت بغلاء الأسعار مستمرة منذ عشرات السنين، وهي تبدأ من تصدير المنتجات قبل الاكتفاء الداخلي، توازيا مع مصادفة الفترة الماضية من عدم وجود مواسم زراعية تقليدية، وعدم الاستيراد بسبب وضع الحصار وندرة القطع الأجنبي المطلوب للاستيراد، وانتهاء بالسبب الأكبر والحاسم للغلاء الفاحش وهو: المضاربة على الليرة السورية، ما أدى إلى انهيار القيمة الشرائية للنقد الوطني السوري، و بالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج على الفلاحين والمزارعين، وهذا حدث خلال الشهور الـ 6 الماضية وبشكل تدريجي.

وبرأي الحلاق، فإن بعض هذه الأسباب، سيزول خلال أسبوعين، حيث ستنزل إلى الأسواق المواسم الزراعية والمواشي.

معايير تقويم

لذلك من الأهمية – حسب الحلاق – أن يعلم المستهلك، بناء على ما تقدم، أن المعايير التي يجب الاستناد عليها لتقييم عمل وإنجازات الوزير الجديد هي القرارات الفورية التي سيصدرها لتحديد أسعار كل المنتجات السورية، وعلى أساس تكلفة تعتبر أن سعر الصرف هو 700 ليرة لكل دولار، وفقاً لنشرة الأسعار الرسمية للمصرف المركزي، بالنسبة للمواد المستوردة للتصنيع أو التامة الصنع أو الإنتاج، إضافة إلى المنتجات المحلية، وخصوصاً الصناعية والحرفية التي لا تخضع للعمل الموسمي، مبينا أنه هنا تكمن الفوارق؛ فمثلاً لا حصرا، إذا أصبح سعر كلغ السكر بالمفرق في جميع أنحاء سورية يخضع لحسابات التكلفة الرسمية الصادرة عن الوزارة، يكون الوزير الجديد قد قدم إنجازاً يسجل له، وهذا  ينسحب على جميع المواد المستوردة والمحلية الإنتاج، أما إذا انخفضت أسعار المنتجات الموسمية، فهذا من طبيعة الأشياء.

شهران فقط!

ويلفت الحلاق إلى أن الفترة الموضوعية الكافية لتقييم أداء الوزير الجديد هي فترة شهرين فقط، لأن طبيعة وعمل وصلاحية وزارة التجارة الداخلية تنحصر بالقرارات المتعلقة بالتسعير وتأمين السلع للسوق الداخلي.. إلخ، ويكون التقييم من خلال نقطتين هما: نوعية القرارات التي سيصدرها، ومدى ملاءمتها للشعب؛ ومدى قدرته على فرض تنفيذها تحقيقاً للغاية التي صدرت من أجلها، وهذه يكفيها شهران، لأن التجارب الماضية موجودة أمامه.

ستتبرأ منها 

إن مرحلة الوزير النداف لن تذكرها الأدبيات الاقتصادية والاجتماعية بشيء من الشكر والمديح، وذلك لسببين اثنين:

أولهما، لأنها لم تتضمن قرارات نوعية لتغيير النهج المخفي للسيطرة على سوق التجارة الداخلية واحتكارها من كبار اللاعبين، وهذا ليس محصوراً بالوزير النداف، بل يشمل كثيرا من وزراء التموين والتجارة الداخلية السابقين.

وثانيهما، لأن وجوده بمنصبه تصادف مع تآكل القدرة الشرائية للنقد الوطني بفعل المضاربة، وبشكل لم تشهده سورية سابقا، من حيث سرعة ونسبة التآكل في فترة محدودة هي بضعة شهور، لذا يتوجب على الراغب بتقييم أداء الوزير الجديد أن يستند على المعلومات أعلاه.

لا عذر!

وحول رأيه بالمسؤولية التي يمكن أن يتحملها الوزير الجديد في ضبط الأسواق وحلقاتها الوسيطة، وبالتالي ضبط وخفض الأسعار وكسر الاحتكار، أكد الحلاق أن تحدر الوزير الجديد من مدارس الإدارة والأعمال الخاصة الناجحة، واستنادا لخبرته الطويلة في عالم الأعمال والإنجازات الفعلية على مستوى القطاع الخاص، وحيازته على تجارب معرفية كبيرة، تسقط عنه حجة وادعاء الجهالة بالإدارة الرشيدة والمعرفة والقانون، لأنه يمتلك ناصيتها، وبالتالي فإن ذلك يجعله قادراً على الإنجاز الوطني.

قسيم دحدل

qassim1965@gmail.com