مجلة البعث الأسبوعية

 شح موسم الزيتون في السلمية و غلاء الأسعار يضاعف معاناة المزارعين

البعث الأسبوعية – يارا ونوس

بعد ترقب وإنتظار يُطلّ الخريف مستقبلاً معه موعد جني الزيتون ففي منتصف تشرين الأول من كل عام يحين القطاف، والإستنفار الجماعي للعائلات ، تراهم يتوزعون هنا وهناك أمام أشجارهم في مزارعهم و في باحات منازلهم  .

 

فالكثير من العائلات تنتظر هذا الموسم بفارغ الصبر  ، ينطلق منذ ساعات الصباح الأولى المزارع مع أفراد أسرته كباراً وصغاراً لتوزيع الأعمال فيما بينهم ، قسم ينشغل بالقطاف، وقسمٌ يُلملم حبات الزيتون التي تُنقى من القشّ والأوراق ومن ثمّ تفرز الحبات الجيدة لتوضع في الأكياس أو السلل الخاصة فبعض الحبات تُفرز للرص والأكل للمونة المنزلية ، والباقي يُحضر لترسل بدورها إلى المعاصر .

 

ومع بدء المزارعين في جني محصول هذا العام يجدون أنفسهم أمام معضلة كبيرة في ظل انعدام الكهرباء وغلاء مستلزمات الإنتاج ، لاسيّما أنّ الفارق كبير بين الإنتاج الضعيف والأسعار المرتفعة، حيث قفز سعر صفيحة الزيت لمبالغٍ خيالية، أضف إلى ذلك مشكلة إرتفاع أجور اليد العاملة وهذه المشكلة بدأت تتفاقم عام بعد عام، الأمر الذي أدى تلاشي مشهد القطاف الجماعي رويداً رويداً ، وأصبح كلٌّ يقطف زيتونه وحده مع الإستعانة بآلة لقطف الزيتون   ، إضافة إلى صعوبة تأمين المحروقات، وندرة المياه.. ماينذر بخسائر كبيرة يتكبدها المزارعون وأصحاب المعاصر على حدٍّ سواء  .

 

فأصحاب المعاصر يشكون من مشكلة التقنين الخانق للكهرباء ،و غلاء المازوت ولطالما كانت من أهم الأسباب الذي يؤثر في تراجع عملهم

 

وبين عدد من أصحاب معاصر في منطقة السلمية  ل”البعث” عن الصعوبات التي باتت تواجه عملهم،  من جرّاء انقطاع التيار الكهربائي ، وبينوا أنّ كل عملهم يعتمد على الكهرباء التي لاتتوفر، وأشاروا إلى أنهم يعتمدون على المولدات الديزل  لاستكمال عملهم وتشغيل مكنات المعصرة والتي تتطلب توليد المولدات بالطاقة الكاملة على مدى ٢٤ ساعة خلال الموسم ، وهو مايزيد من التكاليف نظراً لاستهلاك المولدات الكبير من مادة المازوت، لاسيّما بعد غلاء المحروقات وشرائها من السوق السوداء بأسعارٍ مضاعفة ليصل سعر اللتر ٣٤٠٠ ل.س ،عدا عن الصيانة الدورية للمكنات ، والكلفة المرتفعة لقطع الغيار  أيضاً.

 

فالمعاصر  تستقبل مئات أكياس الزيتون لتوضع في المكابس والتي بدورها تقوم بتصفية الزيت من المياه ، مؤكدين أنّ ليس كل حبّات الزيتون تحتاج لإضافة المياه خلال العصر  .

وأشاروا إلى الإنتاج السنوي من زيت الزيتونة  في المواسم الماضية ٥٠ ألف صفيحة ، والتي وصفوها بمواسم الخير ، في حين أشاروا إلى إنتاج هذا العام مايقارب ٢٠ ألف صفيحة بين زيادة أونقصان حسب وفرة الإنتاج، مطلقين عليه الإنتاج الشحيح  .

وبالنسبة لسعر صفيحة الزيت في المعصرة بلغت ٢٠٠ ألف ل. س ، وبلغ سعر كيلوغرام زيت الزيتون ١٣ ألف ل. س  ، في حين بلغ سعر كيلو الزيتون بين /٢٠٠٠ – ٣٠٠٠/ ل. س  ، ولفتوا أصحاب المعاصر إلى أنّ سعر الزيتون يُحدّد حسب نوعيته .

وأشاروا إلى أنّ كل ١٠٠ كغ من الزيتون يعطي  ٢٠-٢٢  كيلو غراماً من زيت الزيتون .

وفيما يخص تكاليف عصر كيلو الزيتون  تتراوح بين ١٢٠ – ١٥٠  ل. س  علماً أنّ المكتب التنفيذي بحماة حدّد أجرة الكيلو ب ١٦٠ ل. س  .

 

ورغم تزايد التحديات التي تجلبها التقلبات المناخية، وعوامل الجفاف في منطقة سلمية والتي نالت من موسم الزيتون إلا أن العمل مستمر ولايزال هناك هدف في توفير لقمة العيش  في ظل الظروف الصعبة.

وهنا يكثر الحديث عن عدم رضا المزارعين على موسم هذه السنة بسبب شح الأمطار ونقص الموارد المائية وارتفاع المستلزمات

وبين عدد من المزارعين في ريف السلمية أنّ الموسم لهذا العام ضعيف جداً مقارنة بالسنوات السابقة  .

ولفتوا إلى أنهم يستعينون بورشة عمال في جني المحصول ، سيما مع  ارتفاع أجور اليد العاملة حيث بلغت أجرة العامل حوالى  ١٨٠٠ ل. س في الساعة الواحدة يضاف إلى ذلك  تكاليف الإنتاج خلال الموسم من تقليم وسماد، وري ونقل ، … وغيرها .

 

في هذا السياق يرى أحد المزارعين من قرية الشيخ علي كاسون أنه نظراً لندرة الأمطار كان إنتاج الموسم قليلاً ، مبيناً أنّ إنتاج أشجاره  في السنوات الماضية بلغت ١٥٠ صفيحة كمعدل وسطي ، في حين أن هذا العام  بلغت ٢٠ صفيحة

مايثبت تراجع الإنتاج بشكل ملحوظ.

وأشار إلى التكاليف الباهظة والتي باتت تُرهق المزارع من ارتفاع أجور العمالة ، و مستلزمات الإنتاج ، والمبيدات الحشرية ، والحراثة ، ناهيك عن ري الأشجار لافتاً أنّ كل شجرة تحتاج إلى ٣٠٠ لتر سنوياً كحدٍّ أدنى من المياه .

وتطرّق في حديثه إلى المقارنة بين مُناخ منطقة سلمية وغيرها من المناطق،  لافتاً إلى أنّ المزارعون في المنطقة يفتقدون للوعي البيئي في زراعة أشجار الزيتون ودليل ذلك أنّ السماد العضوي البلدي متوفر في مزارع مربي المواشي من المخلفات الحيوانية( روث الأبقار، والمواشي الأخرى) إلا أنهم لايستخدمونها في الزراعة بل يقومون ببيعها ، كما ويرتكبون بعض الأخطاء في قطاف الزيتون حصراً ، ويتابع المزارع  أن أغلب سكان المنطقة يبدأون بالقطاف المبكر وهذا خطأ كبير ، ويرى أنه كلما تأخرنا في القطاف يعطي الموسم نسبة زيت أكبر وذلك بعد نضوج الثمرة ، وأشار إلى أن سقاية أشجار الزيتون قبل القطاف بشهر خطأ أيضاً مشدداً أنّ السقاية تكون بعد مرحلة الإزهار

مشيرآ أن الأشجار تحتاج لعناية كل عام من (تقليم  ، وتسميد ، وتكليس، ومراعاة المسافة بين كل شجرة .. الخ )

فيما بين أبو هاني وهوا مُزارع من ابناء المنطقة  ليؤكد أن إنتاجه تدنى بسبب الجفاف وقلة الأمطار ، وتحدث عن عدم رضاه لمحصول الزيتون هذه السنة .

وقال واجهت صعوبات في جني المحصول بسبب تراجع الإنتاج وإرتفاع أجرة العمالة لذلك أضطر لقطف الزيتون مع أسرته وتكبّد الجهد والعناء الإضافي.

وأضاف أنّ نفقات الإنتاج أثقلت كاهلنا من ري الأشجار إلى تكلفة المواصلات والتنقل خلال موسم القطاف ونقل أكياس الزيتون إلى معاصر المدينة…

 

من جهته رئيس مصلحة الزراعة في الالسلمية المهندس نايف الحموي يعزو أسباب تراجع الإنتاج إلى الظروف الجويّة وتغير المناخ ، كموجة الحر (الهواء الساخن) في شهري شباط وآذار  والتي أثرت سلباً على زهرة الزيتون ماأدى إلى قلة في عقد الثمار  ، إضافة إلى قلّة الري، والأمطار…

 

وأوضح أنّ أراضي المنطقة خصبة وبعلية وهي غير صالحة لزراعة أشجار الزيتون وإنما صالحة لزراعة المحاصيل البعلية كالشعير والقمح والبقوليات… إلخ ، وشدّد على أنه يُمنع منعاً باتاً زراعة أشجار الزيتون في الأراضي المحصولية ، وبيّن أن أشجار الزيتون تنمو في الأراضي المُحجرة ونسبة نجاحها أكبر مقارنةً بالأراضي الخصبة .

وأضاف الحموي تقدّر المساحات المزروعة بالزيتون السقي ١٤٧٣٩ هكتاراً ، والزيتون البعل ١٨٩٠٢٧ هكتاراً  ، وبلغ عدد الأشجار المثمرة بالنسبة للزيتون السقي ٢٠٧٩٩٣ شجرة ،

ويقدّر انتاج أشجار الزيتون السقي /٣٦٧٢/طناً، والبعل/ ٢٦٢٨٦/طناً كتقديراتٍ أوليّة .

 

وأوضح رئيس المصلحة أن المنطقة تشتهر بزراعة أصناف معينة من أشجار الزيتون كالنوع القيسي والذي يتراوح سعر الكيلو منه بين ٢٥٠٠ – ٣٠٠٠ ل. س  ، والنوع الصوراني ، النبالي ، جِلط ، الخضيري

مشيراً إلى سعر صفيحة الزيت ٢١٠ – ٢٢٥ ألف ل. س

وتطرق في حديثه عن دور الإرشاديات الزراعية وما تقدّمه من دورات تدريبية من قبل مهندسين اختصاصيين ، وندوات خاصة للمزارعين

تتضمن كل مايخص شجرة الزيتون من الغراس، وحتى الوقاية من الحشرات  .

وقامت شعبة وقاية النبات بالتوزيع على كافة المزارعين في المنطقة مواد جاذبة لذبابة الزيتون

وفي نهاية الحديث أكدّ الحموي ضرورة إتباع المزارعين الإرشادات الزراعية اللازمة من تقليم الأشجار بشكل سنوي ، وعناية ، إضافة للسقاية والتسميد ،مع ضرورة استعمال القطاف اليدوي والأمشاط حفاظاً على الأغصان ، وأكدّ أنه يُمنع ضرب ( نَبر ) الشجرة في القطاف ما يسبب كسر الأغصان وبالتالي يمنع تجدد البراعم في العام المقبل .