صحيفة البعثمحليات

كراج “الشعب”؟!

بشير فرزان 
تساؤلات عديدة في السر والعلن تلاحق بعض أعضاء مجلس الشعب الذين يملؤون الدنيا صراخاً ويشغلون الناس بمواقفهم الرافضة للقرارات الحكومية التي لا تمثل مصالح الشعب “المعتر”، والذي لم يعد يعرف السكينة منذ بدء مشروع ما يسمى “عقلنة الدعم” على قاعدة تخفيف الضغوط على الموازنة العامة للدولة بدلاً من تركيزه على تخفيف معاناة الشرائح الأقل دخلاً، وذلك في إطار أوسع من العدالة الاجتماعية وخاصة عدالة توزيع الدخول.
ولعل المشهد المتكرر على مدار العام، والمتمثل بالحركة غير الاعتيادية لأسطول السيارات الفارهة التي تتسابق إلى أمام مجلس الشعب بحثاً عن مكان لها في “كراج الشعب”، يزيد من غرابة الموقف ويطرح إشارات الاستفهام حول مدى الشفافية والمصداقية في مواجهة مصفوفة القرارات التي تصدر تباعاً تحت كنف الكلف الحقيقة للمواد المدعومة، حيث لا يتمخض عن المعركة التي تشهدها قاعة المجلس أي تأثير لجهة إعادة تصويب أو تعديل للقرارات، وتبقى النتائج حبيسة الخطابات الاستعراضية و”البوستات” الفيسبوكية لإراحة لضمير وإبراء الذمة!!

وطبعاً، نحن لا نقلل هنا من قيمة وأهمية وفاعلية المؤسسة التشريعية بل نبحث عن الأداء الاستثنائي لأعضاء هذه المؤسسة التي لابد أن تقارب طموح الشارع السوري وتحديات المرحلة بكل أوجاعها وبشكل يعيد الثقة بأعضائها كسلطة مؤثرة وفاعلة في الحياة العامة وإدارة الوقائع بالاتجاه الصحيح، وبما يساعد في مواجهة المفسدين ويحد من تغولهم وإنهاء الكثير من الملفات والقضايا التي يدفع الناس فواتيرها يومياً.
ولاشك أن المؤسسة التشريعية أمام تحد كبير، ولا بد أن يشعر المواطن أن المجلس يجسد واقعه بعمق ووضوح ويدافع عن همومه ومشاكله بطريقة صحيحة غير استفزازية، فمن يعبئ خزان سيارته بـ 300 ألف ليرة سورية في التعبئة الواحدة من بنزين الأوكتان لن يعي معاناة من يستدين ليملأ خزان سيارته بكمية قليلة من الوقود ليعتاش بها.
بالمحصلة، بات من الضروري أن يثبت أعضاء مجلس الشعب أنفسهم كصانعين للاقتراحات وقادرين على التدخل لتصحيح الأمور وإعادتها إلى نصابها المحدد بالدستور كما تفرضه عليهم الثقة التي منحهم إياها ناخبوهم، مع الأخذ بالمتغيرات والوقائع المستجدة، وبما يعزز حضور الدولة القوي، ويمكّن من تصليب صمود المواطن من كافة النواحي، وعندها ستقف قاطرة القرارات الصحيحة في كراج “الشعب”!