مجلة البعث الأسبوعية

هل تنجح مشاريع الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بوضع الحلول للمشكلات الزراعية والحيوانية

 البعث الأسبوعية – بشار محي الدين المحمد

ازدادت في الآونة الأخيرة المشكلات المتعلقة بعدم تكيف بعض الأصناف النباتية أو السلالات الحيوانية مع التقلبات المناخية أو الآفات والعوامل الممرضة التي تواجه بيئتنا، فالنبات إن كانت بذوره من بيئة مغايرة ومهما كان جيداً قد تنهار مواسمه عند أول تقلب في الطقس، أو تفنى ثماره جراء تعرضها لآفات لم يتمكن من مقاومتها، في وقت نعاني فيه من تراجع السلالات الحيوانية المحلية وحلول المستورد بدلاً عنها رغم المشكلات المرتبطة بذلك، دون الوعي أو إيجاد التنظيم أو الضوابط لهذه المشكلات التي تشكل تهديداً على اقتصادنا، مما يعزز تدخل الهيئات البحثية في اعتماد السلالات والأنواع التي ستحقق أعلا مستوى من الإنتاجية وأكبر قدر من التوافق وتيسيرها للفلاح والمربي.

مشروع ملكات النحل

معاون مدير عام الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور بهاء الرهبان بين أن الهيئة تولي اهتماماً كبيراً بنحل العسل نظراً لأهميته الاقتصادية، وذلك من خلال الاهتمام بوقاية النباتات التي يتغذى عليها النحل، والتركيز على الآفات التي تؤثر عليه ، إضافة إلى العمل الحثيث على تأصيل سلالات النحل السورية، مشيراً إلى التدهور الكبير الذي تعرض له  قطاع تربية النحل خلال السنوات الأخيرة، عدا عن بروز ظاهرة خلط السلالات نتيجة دخولها عبر الحدود بصورة غير نظامية ودون دراسة وتقييم لنوعيتها، فمن المفروض الاهتمام بوجود سلالات نحل سورية قادرة على التكيف مع كافة الظروف البيئية السائدة في القطر، وقدرتها على تحمل كافة الآفات والأمراض المنتشرة في بيئتنا، مع التركيز على تميزها بالقدرة العالية على إنتاج العسل.

في ضوء هذه المعطيات ولتفادي خلط السلالات  بيّن “الرهبان” أن الهيئة أطلقت مؤخراً مشروعاً لتأصيل سلالات النحل السوري تم عرضه خلال الملتقى الزراعي وأدراجه ضمن المشاريع الرئيسية لمخرجات الملتقى، حيث تم تشكيل فريق عمل من الهيئة ومن مديرية وقاية النبات في وزارة الزراعة والاستصلاح الزراعي لبدء المشروع.

وقال الرهبان: نحن نستورد ملكات نحل العسل أجنبية ذات كلفة عالية لكن مع الوقت تضعف وتقل إنتاجيتها بعد الموسم الأول، وتضعف مقاومتها للظروف البيئية، لذلك عملت الهيئة أمام تلك التداعيات على وضع نواة مشروع لإنتاج ملكات نحل العسل في الساحل السوري، كما جرى تقييم بعض صفات طوائفها بعدة طرق عملية لاختيار أفضلها، حيث تشكل هذه الخطوة النواة الأولى لإنشاء مركز لإنتاج ملكات نحل ملقحة ومحسنة وذات مواصفات عالية لرفد النحالين بها بدلاً من الاستيراد والوقوع في المشكلات المذكورة آنفاً.

أمام بخصوص موضوع الوقاية قامت الهيئة بحسب الرهبان باستخدام مواد طبيعية في مكافحة الآفات، إضافة لإيجاد أفضل السبل لرفع مقاومة طوائف سلالات النحل والتخلص من المسببات الممرضة وتثبيطها، حيث تستخدم تلك المواد عبر إضافتها للغذاء السكري للنحل.

دودة القز الكورية

وفيما يخص التدهور الكبير في سلالات دودة القز “دودة الحرير السورية” بيّن الرهبان  أنه سيتم استيراد هجن دودة القز الكوري بعد أن تم إجراء العديد من الأبحاث عليها، وتم تقسميها إلى أربعة مجموعات ومن ثم اختيار مجموعة (المجموعة البيضوية الشكل) التي أظهرت تفوقاً بعدد البيوض ووزن الشرنقة ووزن الحرير، كما تجري تنقية هذه المجموعة للحصول على سلالات نوعية وبمواصفات جيدة.

ووفقاً للرهبان تتابع مجموعات وقاية النبات بالهيئة عمليات الجانب المتعلق بالوقاية عبر دراسة وحصر الآفات التي تصيب دودة القز، حيث سجل عدد من الأمراض الفطرية والبكتيرية والفيروسية ونوع من الحشرات، مؤكداً وضع برنامج لمكافحتها والسيطرة عليها ومنع انتشارها لضمان سلامة دودة القز والمحافظة على كمية إنتاجها من الحرير.

خضار وأشجار

مشاريع الهيئة لم تتوقف عند هذا الحد وإنما تعمل حالياً على مشاريع خاصة بالتحسين الوراثي لمحاصيل الخضار، حيث بين مدير إدارة بحوث البستنة الدكتور أسامة العبد الله أن هناك عدة برامج للتحسين الوراثي لمحاصيل الخضار تهدف لإنتاج بذار الخضار الهجين والعادي بما ينسجم مع مخرجات والتوصيات الختامية للملتقى الأخير لتطوير القطاع الزراعي ضمن برامج تطوير الإنتاج النباتي ويسرع من وتيرة التنمية الزراعية، بما يعود بالنفع على المزارع والمستهلك على حد سواء لاسيما مع انتشار أصناف البذار المستورد بشكل كبير، مشيراً إلى أنه ورغم سعرها المرتفع إلا أنها تنافس البذار المحلية التي شارفت على الاندثار، وبيّن أن برامج التحسين الوراثي شملت العديد من أنواع الخضار الرئيسة كالبندورة والباذنجان والكوسا والبصل والثوم والجزر وغيرها، كما أفضت هذه البرامج إلى اعتماد هجينين من الكوسا وسلالة من البازلاء وصنفين من البصل، والتوصل لقاعدة وراثية جيدة من السلالات النقية من البندورة والباذنجان.

كما تعمل الهيئة وفق العبد الله على تنمية برامج التحسين الوراثي للأشجار المثمرة كالزيتون واللوزيات والتفاحيات وعدد من النباتات الطبية والعطرية بهدف اعتماد أصناف ملائمة ومتأقلمة مع كافة التغيرات المناخية، والحصول على طرز برية وأصناف محلية ومدخلة.

مشكلات ومعاملات

وفيما يتعلق بالمشكلات الزراعية وإيجاد الحلول أكد مدير الإدارة على السعي الجاد لمتابعة البحوث لحل مشاكل المزارعين مثل مشاكل التساقط وفشل العقد أو ما تسمى ظاهرة الحلول في محصول الكرز، والتوازن بين الأزهار المذكرة والمؤنثة كظاهرة الشبشلة في محصول التوت، إضافة إلى التركيز على الأبحاث المتعلقة بزيادة الإنتاجية وتحسين نوعية المنتج في محاصيل الدراق والفستق الحلبي والتفاح والحمضيات والخضار، والتوجه نحو نظام الزراعة البيئية فيما يتعلق بالتفاحيات بحيث يتم تحديد ما يناسب كل منطقة من الأصناف والأصول وفق احتياجاتها البيئية.

ووفقاً للعبد الله تتعاون الهيئة العامة للبحوث الزراعية مع العديد من الجهات بهدف إجراء الأبحاث والمشاريع البحثية المشتركة كالتعاون مع الجامعات، والهيئة العليا للبحث العلمي، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة أكساد، وهيئة المواصفات والمقاييس، وهيئة الطاقة الذرية.

ولفت مدير الإدارة إلى أن الهيئة لا يمكنها الاستثمار المباشر لكافة نتائج أبحاثها ومشاريعها كونها جهة عامة ذات طابع إداري وليست مؤسسة ذات طابع اقتصادي، ومع ذلك هناك مساعي وتعاون مع وزارة الزراعة لتعديل القوانين الناظمة للهيئة بما يسمح استثمار مخرجات البحث العلمي ويتاح لها توسيع مشاركتها في المجالات الاقتصادية.

توسيع مطلوب

ومع زيادة الرهان في كل يوم على قطاعنا الزراعي يتحتم علينا التعويل أكثر على ربط الجوانب البحثية سواء في هيئة البحوث الزراعية أو غيرها من الهيئات البحثية المهتمة بالقطاع الزراعي مع التطبيق العملي، وبشكل موسع مع مدها بصلاحيات أكبر سواء كانت استثمارية أو اقتصادية تسمح لها بتطوير وتنمية هذا القطاع بعيداً عن الاعتماد على شركات القطاع الخاص التي اعتمدت في غالبيتها على استيراد البذور والدعاية والإعلان، ولم تهتم للنتائج في المحصلة، كما يجب على تلك الهيئات تكثيف نشاطات التوعية وتوزيع نشرات توثيقية لتجارب الفلاحين لتعميمها بعد دراستها تتعلق بكافة الأصناف التي جربوها بعد أن زادت مؤخراً حالات الغش واستيراد بذور لا تناسب بيئتنا، كونها تهدف لحصر الأرباح والإنتاج بالشركات الأجنبية.