مجلة البعث الأسبوعية

اقتصاد المتاح ؟!

دمشق – بشير فرزان

يحتاج الواقع الاقتصادي في هذه الأيام إلى إعادة قراءة تفاصيله الحياتية بشكل أعمق وبأسلوب أكثر تفاعلية قدرة على التجاوب السريع مع المتغيرات المعيشية خاصة مع تتالي الأزمات التي كرستها الحرب وظروف الحصار الاقتصادي الذي تشتد تداعياته مع الإمعان  في ملاحقة لقمة عيش الموطن ومحاصرة سبل عيشه واحتياجاته من قبل الدول التي تحاول يشتى السبل التأثير في المواقف الوطنية والقومية حيال العديد من القضايا والملفات.

ومع اشتداد قوة الحصار لابد من الانتباه إلى أن انتظار الحلول الحكومية والاتكال الكلي على إمكانياتها وما تقدمه للمواطن  يشكل  في هذه الأيام  الصعبة انتكاسة حقيقية للجهود التي تبذل للخروج من أزمة الواقع المعاشي الحالي واستنفاذ حقيقي للفرص واستنزاف سريع  للإمكانيات التي تفرض بواقعها الحالي  ضرورة إتباع إستراتيجية استثمارية  تستفيد وتجند  كل ما هو متاح في معركة الصمود ومواجهة التحديات التي تحتاج إلى تكثيف الجهود التعامل مع الحياة بمسؤولية و بأسلوب اقتصادي جديد يحتال من خلاله على الظروف الصعبة  ؟!

 

ومايريح أن الكثير من  الناس لا يشعرون بالإحراج من أي عمل يقومون به لكسب الرزق  طالما أنه لا يعكر صفاء الحياة الاجتماعية أو يخدش حياء المجتمع  خاصة في هذه الأيام المجروحة بالفقر والتي لا يُسمع الإنصات إلى نبض الشارع فيها  إلا لضجيج الحياة المكتومة بالتحديات وهدير الأوجاع الناطقة بانين الفقر والتشرد ..ولم تعد الشكوى من قلة مصادر الرزق التي باتت في حدودها الدنيا بعد أن دمر الإرهاب ممتلكات الناس وخرب وسرق منشأتهم وبيوتهم ذات جدوى فبعد سنوات  طويلة من الحرب والحصار الظالم بات علينا التدقيق أكثر في  تفاصيل يومياتنا وتوجيه البوصلة الحياتية المعيشية  بشكل عقلاني نحو قراءة المستجدات و الحياة بشكل أخر واتخاذ الكثير من الإجراءات الاحترازية التي تدور في فلك الاقتصاد المنزلي بكل أدواته وطرقه ابتداءً من العمل على تحويل منازلنا إلى منشآت إنتاجية صغيرة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مراحلها الأولى سواء الزراعي منها أو الصناعي الخدمي وذلك ضمن منظومة معيشية تعتمد على العمل الأسري الجماعي الذي يشكل اليوم مصدراً هاماً للدخل وتحسين الظروف وهذا يشكل الهدف الرئيسي لإستراتيجية المشاريع الصغيرة التي يقدم لها اليوم دعماً لايستهان به وخاصة لجهة الإقراض وتقديم كافة التسهيلات..فهل يستثمر هذا الدعم لخدمة الواقع الاقتصادي للأسرة أم تستمر حالة الانتظار للحلول والمعالجات الحكومية وبذلك تضيع الفرص وتزيد الأعباء والمسؤوليات على كاهل الناس والجهات المعنية في وقت واحد.