ثقافةصحيفة البعث

أنس الحاج: هشام شربتجي الأكثر براعة في تقديم الأعمال الكوميدية

أحبّ الفنان أنس الحاج التمثيل انطلاقاً من حبه للّغة العربيّة والإلقاء الشعري، حيث اختارته المدرسة في المرحلة الابتدائية مع بعض الطلاب المتميّزين باللغة العربية للمشاركة في عمل مسرحي، وفي المرحلة الإعدادية انتسب إلى دورة لتعليم التمثيل، وكانت هي الطريق لانضمامه للفرقة التجريبية للمسرح الشبيبي التي قدّمت مسرحيات مثل “رأس المملوك جابر، الفيل يا ملك الزمان، تمنوا لنا حظاً سعيداً، الدب”، مشيراً في حواره مع “البعث” إلى أن البداية تشبه إلى حدّ ما الطفل الذي وجد شيئاً يحبه ويحب أن يصنعه مع آخرين على خشبة المسرح الممتعة والمفرحة، وأن تدريبات الفرقة كانت ممارسة فنية يتعلّم منها كل يوم شيئاً جديداً في فضاء المسرح الذي استمر في الوقوف على خشبته حتى في مرحلة التعليم الجامعي، مبيناً أن ما بعد المرحلة الجامعية كانت النقلة المهمّة في مسيرته التي نقلته من المشاركة في أعمال مسرحية يُقدّمها مع زملاء هواة إلى أعمال يقدّمها مع محترفين وأساتذة كبار، وذلك من خلال عمله في المسرح العسكري مع الفنانين سعد الدين بقدونس ومحمد الحريري وقد تعلم منهما الكثير، أما فيما بعد فكان دخوله عالم التمثيل في المسلسلات التلفزيونية، حيث قدّم العديد من الأعمال، منها: “عيلة 8 نجوم، الوزير وسعادة حرمه، قاع المدينة، لعنة الطين، الانتظار، خالد بن الوليد، المتنبي، الحصرم الشامي، التغريبة الفلسطينية، أمهات، ضبو الشناتي” وأعمال أخرى. ويرى الحاج أنه لا توجد مرحلة أهم من غيرها، لأن كل مرحلة من حياة الفنان تحمل طابعاً مختلفاً، مؤكداً أنه في المرحلة الحالية لا يستطيع أن يُقيّم نفسه ولكنه يستطيع القول إنه جرّب فيها كل أنواع الفنون التي يعرفها من تمثيل مسرحي وتلفزيوني وسينمائي وإذاعي وفن عرائس وخيال ظل وحكواتي.

ملك الكوميديا

يشير أنس الحاج إلى أن أول عمل تلفزيوني شارك فيه كان “عيلة 8 نجوم” إخراج هشام شربتجي، حيث اتصل به الفنان فهد السكري للقدوم إلى أرض معرض دمشق الدولي، فلبّى الدعوة دون معرفة السبب ليجد نفسه في موقع تصوير مسلسل “عيلة 8 نجوم” وأمام المخرج هشام شربتجي: “وقفتُ أمامه كما يقف الطالب أمام الأستاذ، وسألني هل تحب أن تمثل معنا؟ فأجبته بنعم، وكان قد طلب من الفنان أيمن رضا أن يحفّظني الحوار الذي كنتُ قد حفظته بسرعة أثناء تبديل الملابس، وهو عبارة عن مشهدين لفتا انتباه شربتجي الذي قال لي: في كل مسلسل ستكون معي كممثل، وكتب على نسخة النص رقم هاتفي”، موضحاً أنه شارك فيما بعد في عدّة أعمال كوميدية مع أيمن زيدان وهشام شربتجي، وكانت أعمالاً رائعة ومتميزة مثل “الوزير وسعادة حرمه، زوج الست، أنت عمري”، مؤكداً أن المخرج هشام شربتجي هو ملك الكوميديا والأكثر براعة في تقديم الأعمال الكوميدية.

حارة القبة

بعد مشاركة أنس الحاج مؤخراً بمسلسل “حارة القبة” يؤكد أنه من الأعمال الجميلة على صعيد النص والإخراج وكل العناصر الفنية، مبيناً أن أهم ما يميّز المخرجة رشا شربتجي اشتغالها على كل تفصيل صغير فيه، وقد أوصلته إلى برّ الأمان ليكون من الأعمال المميزة التي تُثبت أن الدراما السوريّة في طور التعافي، وأن السوريين قادرون على تقديم أعمال جميلة ومنافسة.

فيلم روسي وأعمال مصرية

عمل الحاج بالدراما المصرية في مسلسلين هما “ظل المحارب” و”عابد كرمان” مع نادر جلال وكان التصوير في سورية، وشارك في مسلسل مشترك هو “مطلوب رجال”، بالإضافة إلى مشاركته في مسلسل “الطارق” مع المخرج أحمد صقر، ومسلسل “جمال عبد الناصر” وهو مسلسل مصري سوري إخراج باسل الخطيب، منوهاً بأن الفرق بين العمل لمصلحة فريق مصري وآخر سوري يكمن في أن الفريق  المصري لديه تقاليد مهنية أكثر نضوجاً من حيث طريقة التعامل مع الفنان والفني، أما على صعيد العمل والإبداع فلا يوجد فرق كبير بين المصريين والسوريين، مشيراً كذلك إلى مشاركته في فيلم روسي من إخراج فلاديمير نيغاتسيف أدى فيه شخصية ضابط، ويقول: “لم يخفِ المخرج وفريقه أثناء التصوير إعجابهم بما قدّمت، وكنت ما إن أنتهي من تصوير مشهدي حتى أقابَل بالتصفيق من قبلهم، لذلك هذه التجربة تعني لي الكثير”.

المسرح

على الرغم من مشاركته في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، يميل أنس الحاج إلى المسرح والوقوف على خشبته دوماً، وقد شارك مؤخراً في مسرحية “حكاية من بلدي” تأليف جوان جان إخراج سهيل عقلة، وقدّم فيها نماذج عن شخصيات سلبية في المجتمع، كما شارك في مسرحية الأطفال “رحلة الحظ” تأليف نور الدين الهاشمي إخراج عبد السلام بدوي، مؤكداً ميله إلى مسرح الطفل، وتجربته فيه ليست جديدة حيث سبق وأن قدّم أعمالاً في مسرح العرائس عندما كانت سلوى الجابري مديرته، ثم انقطع حوالي 16 عاماً ليعود مؤخراً بمسرحية “رحلة الحظ” إلى هذا المسرح الذي يحبه، أما النتيجة التي خرج بها من عمله في مسرح الطفل فهي مخالفة لكثير من الآراء التي تقول إن المسرحي يجب أن ينزل إلى مستوى الطفل، في حين وجد أن هذا غير صحيح لأنه كممثل إن فعل ذلك وبدأ يلعب معه كطفل فهو لن يتقبّله، والأهم برأيه أن يُقدّم فكرة مناسبة للطفل بما يتناسب مع عمره هو كممثل.

شخصيات مناسبة

ويشير الحاج إلى أن المخرجين يسندون إليه دوماً أدواراً أكبر من عمره، فلم يشتغل شخصية تناسب عمره في فترة من الفترات، وكان يتحايل على الشخصية كي تبدو أكبر من عمره، أما اليوم وهو على حدود الخمسين فقد بدأ يجسّد شخصيات تناسب عمره بصدق أكثر، موضحاً أن محاولات بعض المخرجين تنميطه بأدوار معينة ما كانت تعنيه، فكل ما كان يعنيه هو أن يجسّد الشخصية المسندة إليه بإخلاص وبشكلٍ صحيح.

لا ينتبه سوى لعمله

ما بين التلفزيون والمسرح والسينما لا يتردّد الحاج بوصف تجاربه في السينما بأنها قليلة، وهي “مطر أيلول” مع عبد اللطيف عبد الحميد و”سرة القمر” مع غسان شميط و”غرفة لا أكثر” مع علي الماغوط وهو فيلم قصير، وأن قلبه يميل للمسرح أكثر، وفي الوقت ذاته يغريه الصبر والانتظار في العمل التلفزيوني. ورداً على سؤال ما الذي حال دون  تحقيق ما يتمناه في مجال التمثيل يجيب الحاج: “ربما لا أنتبه سوى لعملي أو للشخصية التي ألعبها دون أن أكوّن صداقات على هامش العمل، لأتبيّن فيما بعد أن أي عمل يحتاج إضافةً إلى الإتقان إلى علاقات عامة، وربما أنا مقصّر في ذلك وفي التسويق لنفسي كممثل”. أما بالنسبة لواقع الوسط الفني اليوم فيرى الحاج أن الدراما السورية بسبب الأزمة في بلادنا مرّت بمرحلة ضعف، لكنها اليوم في طور التعافي، لأن بعض الأعمال الفنية التي قُدّمت في الموسم الدرامي الماضي كانت متميزة.

ويختتم الحاج حواره بشكر كل المخرجين الذين أتاحوا الفرصة له للوقوف أمام كاميراتهم، مؤكداً أنه تعلّم من كل مخرج اشتغل معه ومن أسلوبه وطريقة عمله، أما من لم يعمل معه فيتمنى التوفيق له، مع إشارته إلى أن العمل مع كل المخرجين يعنيه كثيراً ولكنه ليس من النوع الذي يفرض نفسه على أعمال لا يجد المخرجون فيه ما يناسبه فيها.

أمينة عباس