مجلة البعث الأسبوعية

قبل انطلاق الموسم الكروي الجديد.. عقود اللاعبين سرية ومبالغ سوق الانتقالات تحلق

البعث الأسبوعية-عماد درويش

لا شك أن لغة المال والأرقام هي التي تتحكم في عالم كرة القدم، من حيث الشراء والبيع لسلعٍ من نوع آخر، وصناعة النجوم على هامش الصفقات الضخمة، بين ليلة وضحاها يمسي لاعباً عاديًا ويصبح آخر نجماً هو الأغلى في تاريخ الكرة، وهو ما ينطبق على أسعار اللاعبين المحليين أم الأجانب الذين تم التعاقد معهم من قبل الأندية قبل انطلاق الموسم الجديد.

فلا يمكن مقارنة الأرقام التي تتكلم بها الكرة بأي مهنة أخرى علا شأنها أو قل في أي بلد من العالم، وعلى الرغم من الأهمية القصوى للمال في كافة مجالات الحياة، حتى باتت كرة القدم التي باتت تجارة رائجة للكثيرين من الوكلاء والسماسرة، بل إنها “مطية” للعديد من اللاعبين للكسب السريع وبصورة بسيطة دون أي مجهود يذكر.

لغة المال

تحلّق أسعار انتقالات لاعبي كرة القدم في دورينا في ظل خلو خزائن الأندية جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة، ومع انطلاق موسم الانتقالات، فوجئت الأندية بمبالغ كبيرة يطلبها اللاعبون للتعاقد معهم أو لتجديد عقود آخرين، قبل الموسم الجديد، لتطغى “لغة المال” على التعاقدات التي تمت قبل انطلاق الموسم، فبعض اللاعبين طالبوا بمبالغ وصلت لـ 80 مليون ليرة للتعاقد معهم لموسم واحد، مبررين ذلك بارتفاع أسعار كافة السلع ، وأن عملهم فقط ممارسة كرة القدم مع العلم أن أغلب الأندية لا تكاد استثماراتها تغطي قيمة التعاقد مع لاعب واحد، ما يعني ارتفاع ميزانية تلك الأندية التي اعتذر الكثير من رؤسائها عن العمل بإدارة النادي.

وفي إحصائيات تقريبية يبلغ متوسط دخل لاعب الدرجة الممتازة نحو مليون ونصف المليون ليرة شهرياً، فيما يصل دخل البعض إلى 4 ملايين ليرة، وهناك الكثير من الأندية لم تدخل هذا الموسم في سوق الانتقالات الصيفية بشكل قوي وأبرزها الكرامة وجبلة، إضافة للجزيرة الصاعد حديثاً للدرجة الممتازة والذي فاجأ الجميع مؤخراً بأنه يفكر في الانسحاب من الدوري بسبب الضائقة المالية التي يعيشها.

تحديد السقف

في محاولة لضبط سوق الانتقالات، أصدر اتحاد الكرة قراراً بتحديد سقف راتب اللاعب في الدوري بـ 4 مليون ليرة، في محاولة للحد من الأرقام الخيالية التي يطالب بها وكلاء اللاعبون أو تقترحها الأندية لاستقطابهم، سيما وأن بعض الأندية تبرم عقوداً، مع لاعبين رواتبهم تكلِّف خلال الموسم مليار ليرة سورية وخزينته يكون فيها 200 مليون فيتحول إلى نادٍ غارق بالديون.

كما يوجد أندية تُبرِمُ عقوداً جانبية مع اللاعبين غير العقود الرسمية التي يتم تسجيلها وهذا ما يجب العمل على ضبطه فوراً، فالمشكلة لا تكمن فقط بعقود اللاعبين، بل تمتد لمقدمات العقود حيث تبلغ قيمة بعض الصفقات أكثر من 70 مليون من دون الراتب، وليطرح السؤال: هل سقف راتب 4 مليون هو رقم ضمن الحدود المقبولة؟  وإذا ما أردنا إجراء الحساب “بالورقة والقلم” نجد أن النادي يحتاج 11 لاعباً أساسياً ومثلهم قائمة الاحتياط، وإذا فرضنا أن جميع هؤلاء، كحد وسطي سيقبضون شهرياً 2 مليون فإن إجمالي المبلغ سيكون 44 مليون ليرة سورية شهرياً، فهل لدى الأندية موارد تكفيها لدفع هذه الرواتب؟

فهناك أندية مثل “أهلي حلب والوثبة والفتوة وغيرها” خصصوا 500 مليون ليرة لإجراء التعاقدات هذا الموسم، أي أن أي نادٍ يحتاج تقريباً كل ميزانيته لعقود اللاعبين دون المدرب والكادر الفني، هذا لو فرضنا أن معدل الرواتب الوسطي لديه 2 وليس 3 مليون وحينها سيحتاج خلال 10 أشهر (موسم كروي) أكثر من 660 مليون ليرة، أما لو كانت قيمة الرواتب الوسطية 4 مليون ليرة فإن الرقم يقفز إلى 880 مليون خلال الموسم، و88 مليون خلال الشهر الواحد، كما تم إلغاء هذا الشرط عن اللاعبين المحترفين الأجانب الذين تعاقدت معهم الأندية وهو ماقد يبقي الباب مفتوحاً لصفقات بأرقام خيالية ” من تحت الطاولة”.

ضمان للحقوق

القرارات التي أصدرها اتحاد الكرة تَضمَن أيضاً حقوق اللاعبين فهي تشترط على الأندية أن تدفع لكوادرها وفنيها ولاعبيها، بالمواسم السابقة مستحقاتهم كشرط أساسي لتسجيل أي عقد جديد وهذا من شأنه أن يدفع الأندية لمزيد من الحذر في تعاقداتها وأرقام عقودها كما أن القرار يساعد اللاعبين للحصول على كل مستحقاتهم مع نهاية كل موسم، ويَحفظ القرار حقوق الأندية بإلزام اللاعبين الراغبين بالانتقال إلى نادٍ جديد بالحصول على براءة ذمة من ناديهم كشرط أساسي، للانتقال كما يطالب الأندية الالتزام بمدة زمنية لمنح البراءة أو تبرير عدم منحها.

محترفون أجانب

عندما اتخذ اتحاد الكرة قراراً بإعادة اللاعبين الأجانب لصفوف الدوري تفاءل الكثيرون برؤية لاعبين على مستوى عال يرفعون من خلاله مستوى الدوري ، وبناء عليه توزع الأجانب على خمس أندية هي: الوحدة، أهلي حلب، الكرامة، تشرين، والوثبة، حيث تعاقد أهلي حلب مع المهاجم النيجيري أوكيكي، ثم المدافع الغاني جوزيف آدجي، كما نجح الوحدة في التعاقد مع المهاجم الرواندي إرنست سويفيرا، ووقع البرازيلي دي أوليفيرا لنادي تشرين” بطل الدوري” كما تعاقد الكرامة مع المهاجم البرازيلي  جواو سافيو ميلو دو سانتوس، واستعاد الوثبة لاعبه السابق البرازيلي  جاجا، لكن من غير المنطق أن تتعاقد الأندية مع لاعبين أعمارهم كبيرة، فما القائدة من جلب لاعب عمره 38 سنة واقترب من إنهاء مسيرته مع كرة القدم ، ولا يعتمد عليه الفريق بشكل أساسي (مثل لاعبة الوثبة جاجا) ، وراتبه هو الأعلى بين رواتب لاعبي الفريق، ليبقى السؤال هنا: كيف للاعب في نهاية مسيرته أن يكون الأعلى أجراً؟.

عقود سرية

رغم حرص اتحاد الكرة على تأمين عقود اللاعبين بما يكفل حقوقهم وحقوق الأندية، إلا أن العقود تمت بين إدارات بعض الأندية واللاعبين بشكل سري، حيث وصل الأمر إلى تحديد مقدم عقد لكل لاعب بما يساوي ضعف الراتب لكن المشاكل بقيت عالقة بين اتحاد اللعبة والأندية، واستمرت العقود السرية والإضافية، وما نخشاه خلال الموسم الكروي رؤية أندية لا تتمكن من دفع رواتب وهي غارقة بالديون.

رئيس نادي المجد أنور سويد اعتبر في تصريح لـ”البعث الأسبوعية” أنما يجري حالياً من العقود بين الأندية واللاعبين هو هدر للمال العام، فمن غير المقبول أن يقوم أحد الأندية بإغراء اللاعبين بالانضمام إليهم بعقود خيالية، وبعقود سرية، وهذا لا يصب في مصلحة كرة القدم السورية، مضيفاً: أحد الأندية دفع أكثر من مليار ليرة سورية وتعاقد مع أفضل لاعبي الكرة السورية، في حين بقية الأندية لم تستطع تأمين ولو جزء يسير من المال اللازم للتعاقد مع اللاعبين المحليين، وعليه فإن الدوري سيأخذ منحى غير التنافس القوي وتقديم كرة قدم متطورة، بل عبارة عن حرق للمراحل للحصول على اللقب.