مجلة البعث الأسبوعية

“رهاب الأصوات”.. لماذا لا يتحمل البعض سماع الآخرين يأكلون؟

“البعث لأسبوعية” ــ لينا عدره

لماذا يكره بعض الناس سماع الآخرين يأكلون؟ إن أولئك الذين يمضغون البوشار أو رقائق البطاطا في السينما أو المسرح أو في مكان العمل هم أسوأ كوابيسهم، أولئك الذين يشربون بصوت عالٍ يزعجونهم إلى أعلى درجة. إذا كنت أيضا لا تستطيع تحمل سماع صوت تناول الآخرين للطعام، أو لا تستطيع إخماد أصواتهم، فقد تكون مصابا بـ “رهاب الصوت”!!

اغفر لهؤلاء!! سامحهم!! وتجاوز احتجاجاتهم وتذمرهم.. إنهم مرضى بكل بساطة. الأشخاص الذين يمنعونك من الأكل كما تريد، أو من مضغ العلكة، بحجة أنهم لا يستطيعون تحمل ذلك، يعانون أكثر مما تتخيل. وهذا المرض له اسم، هو حرفياً “رهاب الصوت”. لقد تم تجاهل هذه الآلام منذ فترة طويلة، ولكن تم تحديدها، في عام 2000، من قبل الباحثين الأمريكيين مارغريت وباول غاستبروف. ومنذ ذلك الحين، يتقدم العلم ببطء حول هذا الموضوع، فيما يطلب المصابون بـ “رهاب الصوت” استشارة طبية نفسية لمحاولة العيش بشكل طبيعي مع هذه الأصوات التي لا تطاق.

 

التعذيب بالأصوات

بالنسبة للطبيب الجراح، وأخصائي الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى جورج بومبيدو في باريس، فيليب بينارد، فإن “الضوضاء العضوية، مثل تنقية الحلق أو ضوضاء الفم، ليست ممتعة لأي شخص، ولكن بالنسبة للذين يعانون من “رهاب الصوت” فهي تعذيب حقيقي”. ومن الواضح أن المضغ، أو الشهيق، أو الطقطقة، أو النقر، أو مجرد رؤية الإيماءات المتكررة، مثل تحريك الفكين أو القدمين أو الساقين، يسبب النفور لدى المصابين.

 

أنا فقط أشعر بالكراهية

توعك في الحياة اليومية يشهد عليه البعض على الموقع الالكتروني الذي يحاول تقديم المساعدة وتبادل الدعم بين المصابين بـ “رهاب الصوت”، والذي يحمل عنوان “أوقفوا رهاب الأصوات”، ففيه يمكن أن نقرأ: “أعتقد أنني سأكون قادرا على قتل شخص ما”.. “أنا أغلي من الداخل، أنا أشعر بالحرارة، وبالاجترار”.. أو حتى “أشعر بالكراهية ببساطة..”.

 

ضعف الجهاز العصبي

توجد دراسات قليلة حول هذا الاضطراب. ففي عام 2013 فقط، وصفه فريق من الأطباء النفسيين من أمستردام في مجلة “الحدود في علم الأعصاب البشرية”، بأنه “اضطراب نفسي خفيف”. وفي بداية شهر شباط، نشرت جامعة نيوكاسل (إنغلترا) دراسة في مجلة “عالم البيولوجيا” يسلط الضوء على النشاط الدماغي غير الطبيعي للمصابين بـ “رهاب الأصوات” عند مواجهة بعض الضوضاء. للقيام بذلك، أخضعهم الباحثون وغيرهم من الأشخاص لأصوات مختلفة. وعند الاستماع إلى مضغ العلكة، أظهر مسح الدماغ نشاطا مكثفا في القشرة الجزرية الأمامية. وهذا المجال هو الذي يدير المواقف التي نحتاج إلى الاهتمام بها وتنظيم ردود أفعالنا. بينما يتجاهل غير المصابين بـ “رهاب الأصوات” هذه المحفزات، ولن يتمكن الشخص المصاب بهذا الاضطراب من القيام بذلك.

في عام 2015، تم بالفعل ذكر مسار آخر من خلال دراسة أجرتها جامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة الأمريكية. وفقا لهذه الدراسة، يمكن أن تؤثر الاضطرابات الصوتية على الأشخاص الأكثر إبداعا. بالنسبة للدكتور فيليب بينارد، سيكون هذا قبل كل شيء خللا وظيفيا في التثبيط “لأن المصابين برهاب الأصوات غير قادرين على قمع ردود أفعالهم”.

 

علاجات وتطورات مع تقدم العمر

يظهر “رهاب الصوت” عند البعض منذ السادسة أو السابعة من العمر، ويبدو أن رهابات الأصوات تتفاقم بمرور الوقت، “ولكن هناك أيضا “رهاب صوت” يتطور في مرحلة البلوغ، وهو رهاب صوت الأجهزة المنزلية، ووقد تكون أسبابه نفسية إلى حد ما”، يضيف الاختصاصيون.

 

يطلب منهم الانتباه لأنفسهم

فيما يتعلق بالعلاج، يلجأ المتخصصون إلى العلاجات المعرفية السلوكية المستخدمة في العلاج النفسي لتخفيف ردود الفعل السلبية. “إنها علاجات تقبّليّة، يُطلب من المرضى التركيز على أنفسهم وبدرجة أقل على الخارج، فهذا يقلل من اليقظة المفرطة وفرط الحساسية”، كما يوضح الدكتور بينارد.

إن الاهتمام بالنفس هو أيضا الأسلوب الأكثر تطبيقا على المصابين بـ “رهاب الصوت”. وعلى سبيل المثال، يقول الكثيرون إنهم يقلدون الضوضاء ولكن بصوت أعلى. ويقول الأطباء أن لكل شخص حيلته الخاصة لتحسين حياته اليومية: “لتجنب أي مصدر للضوضاء، أرتدي سدادات في أذني!.. وعموما، ونظرا لأن هذا لا يكفي، أقوم بإضافة سماعات رأس مع الموسيقى”، كما تقول إحدى المصابات.