أخبارصحيفة البعث

لماذا تعرقل الدانمارك التحقيق المشترك حول حادثة “السيل الشمالي”

تقرير إخباري:

كعادتها دائماً، تعمل الولايات المتحدة على توظيف أنظمة أو أشخاص لعرقلة أيّ تحقيق أممي يمكن أن يوصل إلى حقيقة حادثة تكون واشنطن متورّطة فيها بشكل مباشر، حيث سبق لها أن فعلت ذلك فيما يخصّ مشروع القرار الذي قدّمته روسيا عام 2018 للتحقيق في الهجمات الكيميائية في سورية، لأنها لا تريد تحقيقاً مهنياً، بل تريد تحقيقاً مبنيّاً على الدعاية والتضليل.

فقد انبرى وزير الخارجية الدنماركي جيبي كوفود إلى إصدار أمر لممثلي بلاده في نيويورك بعدم المشاركة في اجتماع القمّة الخاصة لمجلس الأمن الدولي الذي دعت إليه روسيا في الـ 30 من أيلول الماضي بخصوص حادثة “السيل الشمالي”، مبرّراً ذلك بأن روسيا تحاول تحديد مسار القمّة لصرف النظر عن الأحداث في أوكرانيا “كما زعم”، واتهم روسيا بنشر معلومات كاذبة حول تورّط الغرب في تفجير أنابيب الغاز، رافضاً مشاركتها في التحقيقات المتعلقة بعمليات التخريب وتحديد الجهات التي تقف خلفها.

هذا الموقف الغريب قوبل بانتقادات حادة من كبار المحامين الدنماركيين الدوليين الذين أشاروا إلى أنه لا توجد نصوص في القانون الدولي تمنع روسيا من المشاركة في التحقيقات لأنها مالكة الأنابيب.

وردّاً على ذلك، وصفت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا موقف الدانمارك من حادثة أنابيب “السيل الشمالي” بالدنيء وغير القانوني، حيث أشارت إلى أن روسيا تستند في أدلتها إلى الوقائع والاستنتاجات المباشرة من تصريحات غربية على أعلى المستويات تشير إلى مصلحة عدد من الدول الأجنبية وفي مقدمتها الولايات المتحدة بتدمير الأنابيب.

ولفتت الانتباه إلى أن هذه الاستنتاجات تبلورت بعد قيام وزير الخارجية البولندي السابق رادوسلاف سيكورسكي عبر صفحته على “تويتر” بتقديم الشكر للولايات المتحدة على الضرر الذي لحق بخطوط نورد ستريم، مشيرة إلى أن القوات البحرية لحلف شمال الأطلسي تجري تدريباتٍ منتظمة في منطقة الحادث.

ونوّهت إلى قيام وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بالتفاخر بالقدرات المبتكرة للبحرية الأمريكية تحت الماء بعد أيام قليلة من الحادث، كما أن خبراء أمريكيين من داخل الولايات المتحدة ذاتها رجّحوا تورّط واشنطن في تخريب أنابيب “السيل الشمالي”.

إلى ذلك، قال الباحث الأمريكي، إريك زويس، في مقابلة مع قناة “ekonomi.haber7” التلفزيونية: إن الولايات المتحدة فجّرت خطَّي أنابيب غاز “السيل الشمالي” لتحقيق منافعها.

وأضاف الباحث للموقع: “الحكومة الأمريكية فجّرت أنابيب السيل الشمالي، الذي يمتدّ من روسيا إلى أوروبا بعد سنوات من المحاولات الماكرة لتخريبها من خلال الطرق الدبلوماسية.. ستُجبر أوروبا على دفع مبالغ زائدة بشكل كبير”.

ولفت الباحث إلى أن الغاز الطبيعي الروسي أكثر ملاءمة للصناعة الأوروبية من الغاز الطبيعي المسال الذي يتم توريده من الخارج، مشيراً إلى قرب الموقع الجغرافي لروسيا.

وتابع الباحث قائلاً: “من الآن فصاعداً، ستدفع الدول الأوروبية، باستثناء روسيا، أعلى أسعار للطاقة في العالم لفترة طويلة على الأقل، بسبب تدمير خطوط أنابيب الغاز العملاقة”.

ولا تبذل واشنطن الكثير من الجهد من أجل التنصّل من مثل هذا التحقيق، لأن مَن يُسمَّون حلفاءَها، وهم في الحقيقة أدواتها، يتكفّلون عادة بالتدخّل من جهة ثانية لمنع الوصول إلى الحقيقة، فالأمر هنا ليس مجرّد اعتراض على حضور روسيا تبعاً لمفهوم روسوفوبيا الشائع، بل هو شراكة فعلية بين الدانمارك التي يعمل جهاز استخباراتها أصلاً في خدمة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه”، وبالتالي يمكن أن يكون مشروع تفجير السيل الشمالي تم بالشراكة بين مجموعة من الدول، وليس مستبعداً أن تكون الدانمارك واحدة منها، شأنها في ذلك شأن بولندا التي تصرّ على تسليم القياد لواشنطن في كل شؤونها.

طلال ياسر الزعبي