ثقافةصحيفة البعث

“حلب العشق”.. مدينة بين نصر وميلادين وموسيقا

حلب – غالية خوجة

تشرق الموسيقا بمقامات الصبا وإبداعات العازفين وحناجرهم لتحكي لنا عن مدينة بين ميلادين متجددين: ميلاد المسيح عليه السلام وشمعة السنة القادمة 2023، وميلاد الانتصار الخرافي بذكراه السادسة والذي لوّنه ويلوّنه دم الشهداء بنجوم خضراء تنبت مثل الأناشيد والمستقبل والمقامات والتراث المادي واللامادي وهو يشع على العالم منشداً لـ “الأمل بالعمل”، واثقاً بقيادته الحكيمة، وفياً لجوهر مقولة السيد الرئيس بشار الأسد: “حلب في عيوني”، ومؤكداً أنْ ستظل حلب الشهباء عشْقَ العارفين والمبدعين الذين تجذبهم بفنونها المتعددة وفضائها المشرف على الأنحاء.

وهذا ما لمسناه في الحفل الموسيقي “حلب العشق” الذي أقامته وزارة الإعلام – الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، بالتعاون مع محافظة حلب، على مسرح يسايان الشرق بالسليمانية، وقدمته جوقة القديسة تيريزيا وأوركسترا صبا بقيادة الموسيقار شادي نجار.

ابتدأ الحفل بأغنية “سأمر من عينيك – حلب” واختتم بأغنية “راياتك بالعالي”، وما بينهما من أغان ومعزوفات وصلت إلى 15 فقرة موسيقية محلية وعربية وعالمية، اتسمت بروح إبداعية واحدة متناغمة بين مدّ وجزْرٍ، وصعود أفقي إلى عمق الفضاء، وصعود عمودي إلى حواف الكون، ولا فاصل بينها إلاّ الحركة الموسيقية وهي تنتقل بين مقطوعة وأخرى لتبدو الحفلة جملة موسيقية واحدة مكثّفة جاذبة مشوقة ومدهشة بإبداعها الذي عاشته الفرقة وقائدها والجوقة والحضور المستمع بقلبه وروحه وعقله وحواسه وصمته، لتكون حالة الإصغاء إيقاعاً آخر.

كما اتسم الحفل بتوظيف طاقات 62 فناناً وفنانة بين أصوات بشرية وأصوات آلات موسيقية بهارمونية فنية، حلّقت من حلب مع الشاعر هادي بكّار والموسيقار شادي نجار وتماوجت مع الرحابنة وسيد درويش وسمير كويفاتي وميادة بسيليس وأمين الخياط وعمر خيرت وموزارت وياني، والموشحات الأندلسية “لما بدا يتثنّى” والقدود الحلبية، ووصلت مع “حارس القدس” إلى فلسطين ودمشق، وطارت إلى العراق ولبنان ومصر والعالم لتعود إلى سورية وهي تنشد “بكتب اسمك” و”بذور السلام” و”عمار يا بلدي”.

ومع تنوّع الأصوات الأوبّرالية تنوعتْ الإيقاعات وحركاتها وحواس معانيها بين “سوبرانوـ Soprano” و”ألتوـ Alto” و”تينورـ Tenor” و”باسّ ـ Bass”، وبرزت مهارة روحانية في العزف على الآلات المختلفة الإيقاعية ومنها الدرامز والطبلة، والوترية ومنها البيانو والكمان والغيتار، والملفت ما يقدمه الفنان شادي نجار في التأليف الموسيقي الذي استطاع استنباط جُمل موسيقية مركّبة ومتداخلة من خلال التمازج الشرقي والغربي، لتعكس حالات من الحماسة والرقص والتأمّل والفرح والتحليق بين العالمين الداخلي الإنساني والخارجي الطبيعي، وهو ما نشعر به، أيضاً، من خلال توزيعه الحداثي المعاصر للتراث اللا مادي المحلي والأندلسي والعربي والعالمي.

سورية ربّت الموسيقا والحياة منذ الأزل

ولنطّلع على بعض الخفايا، وقبل بداية الحفل، التقت “البعث” من وراء الكواليس بعدد من الموسيقيين والمغنين، وأولهم الموسيقار شادي نجار المؤلف والعازف والموزع الموسيقي والكورالي الذي قال: البلد الذي لا يوجد فيه موسيقا هو بلد لا يعرف الحياة، وسورية تعرف الحياة وتعزفها، ومنذ الأزل ربّت الموسيقا، واليوم ها هي شبيبة سورية، شبيبة حلب، تنشر عطور الموسيقا بطريقة أكاديمية راقية وكورالية، في ذكرى تحرير حلب مع ميلاد السيد المسيح، لنشعر وكأننا ولدنا من جديد، فما أعظم هذه المزامنة بين الميلاد والانتصار.

وتابع: وبهذه المناسبة، نحن نقدم مقطوعات إنسانية وطنية اجتماعية وعالمية معروفة وجديدة، لكن، بتوزيع جديد، بطريقة “صبا”، ومنها “راياتك بالعالي يا سورية”، وهيلا يا واسع”، ومقطوعة سيمفوني 40 لموزارت، بينما هناك مقطوعات جديدة من ألحاني منها “مدينتي”، و”الربيع”.

رسالتنا للعالم

ماريان شراباتي عازفة كمان: أعزف مع الفرقة منذ 4 سنوات، وسعداء في هذه المناسبة وفي كل مناسبة نعزف فيها من أجل الوطن، ونتشارك مع الكورال، ونريد أن يعرف العالم أن حلب دائماً متألقة بموسيقاها وفرقها ومحبة أهلها، وفرقتنا مستمرة بتميزها وانطلاقها من المحلية إلى العالم.

نغرس الأمل والمحبة

نايا دقي: منذ 8 سنوات وأنا مع الفرقة، وأتفاءل “بصباح الألف الثالث” والأجواء الاحتفالية بالنصر والموسيقا المميزة والحضور المشجع والبث المباشر على قناة دراما السورية، وجميعنا سعداء بما نقدمه من أجل حلب والميلاد والسنة الجديدة.

كارولينا عجايب: سعداء بمشاركتنا بذكرى تحرير حلب بعد كل المآسي التي عشناها مع حلب الجريحة، وبموسيقانا نذكّر العالم بهذا الانتصار، ونغرس بأصواتنا وغنائنا ومعزوفاتنا الأمل بقلوب الناس التي ظنوا أنها انطفأت لكنها ما زالت تنبض بالمحبة والموسيقا والنصر.