مجلة البعث الأسبوعية

كوارث الفن السابع غائبة عربياً.. وهوليود متربّعة على عرش الإنتاج

أمينة عباس

أجيال متعاقبة في بلدنا لم تختبر فجائعية كوارث الطبيعة، ومنها الزلازل، إلا من خلال بعض الأفلام السينمائية، وغالباً كانت هذه الأفلام تقوم على سرد قصص غريبة ومدهشة كنا نعتقد أنها من نسج خيال كاتبها، ومع كارثة الزلزال الأخيرة وما تبعها من قصص مؤلمة عاشها كثيرون وقُيّض لهم النجاة بأعجوبة أدركنا أن ما كنا نتابعه في تلك الأفلام رغم غرابته لم يتفوق على ما حدث من قصص مروعة عاشها من نجا.

تكلفة باهظة

عرفت السينما العالمية العديد من الأفلام التي رصدت غضبَ الطبيعة من كوارث الزلازل والبراكين والفيضانات، وغالباً ما تلقى هذه الأفلام ترحيباً من جمهور الفن السابع في العالم، في حين غابت هذه النوعية من الأفلام عن الساحة العربية بسبب ندرة هذه الموضوعات عن حياتنا، ولتكلفتها الباهظة التي تصل لملايين الدولارات والتي لم تتحملها سوى هوليود التي ماتزال متربّعة على عرش الإنتاج في هكذا أفلام خُصّصت لها في استوديوهات يونفيرسال العملاقة في لوس أنجلوس مساحات وإمكانيات تقنية متطورة لتصوير الزلازل وسقوط الطائرات والبراكين والتي تستوحي منها أهم قصص أفلامها.

تحديات ومخاطر

تبيّن الفنانة والمنتجة لورا أبو أسعد أنه لطالما كانت لأفلام  الكوارث، وخاصة الوثائقية منها أهمية وجماهيرية لرغبة الناس في متابعة الأكشن وما هو غريب وغير معتاد، بالإضافة إلى فضول الناس لمعرفة ما حدث وتثقيف أنفسهم ومعرفة كيف يتصرف المرء في هكذا حالات، مشيرة إلى قلة هذه الأفلام مقارنة بالأفلام الأخرى نظراً لتكلفتها العالية والتحديات التي تواجهها، وما هو وثائقي منها يحتاج إلى وقت طويل بهدف توثيق الحدث، إلى جانب المخاطر التي قد يتعرض لها صنّاعها، وهذا ما عبّر عنه فيلم “نار الحب” الذي عُرض على شبكة ناشونال جيوغرافيك وتحدث عن عالمَي الجيولوجيا والبراكين الفرنسيين كاتيا وموريس كرافت اللذين كرَّسا حياتهما لمطاردة البراكين النشطة في جميع أنحاء العالم وتسجيل وقائعها لحظة بلحظة، حتى لقيا حتفهما بنارها الثائرة، حيث جرفتهما الحمم البركانية التي اندلعت من بركان جبل أونزن في اليابان تموز 1991وقد تركا وراءهما كمّا هائلاً من الوثائق والصور والدراسات والأبحاث والمعلومات التي أفادت كثيراً في مواجهة مثل هذه الانفجارات الخطيرة.

أفلام الزلازل والكوارث الطبيعية

يُجمع النقاد على أهمية مجموعة من الأفلام العالمية التي حاولت محاكاة الكوارث الطبيعية سينمائياً وتداعياتها على البشر والحجر وتسليط الضوء فيها على رحلات البحث عن الضحايا والأمل في وجود ناجين، وهذه الأفلام هي:

الزلزال

إنتاج عام 1974‏ وهو فيلم حركة، تم إنتاجه في الولايات المتحدة، من كتابة ماريو بوزو، وبطولة شارلتون هيستون وآفا غاردنر، وتدور الأحداث حول وقوع زلزال شديد في مدينة لوس أنجلوس الأميركية، ويعاني ستيوارت جراف من تسلط وغيرة زوجته، وفي نفس الوقت يقع في حب أرملة لديها طفل، وعندما يحدث الزلزال يبقى حائراً بين إنقاذ زوجته أوحبيبته وطفلها.

 

المستحيل

إخراج خوان أنطونيو بايونا عام 2012 عن قصة حقيقية حدثت إثر الزلزال الكبير الذي ضرب المحيط الهندي في كانون الأول 2004 والذي تسبّب بإعصار تسونامي الذي أغرق مئات آلاف الناس في جنوب شرق آسيا، وهو من بطولة نعومي واتس وإيوان مكريغور وتوم هولاند، ويشير الفيلم إلى كيفية تأثير هذه الكوارث الطبيعية في تغيير حياة البشر بعد أن تذهب إحدى العائلات لقضاء عطلة عيد الميلاد في أحد المنتجعات، ثم تحل عليهم كارثة تسونامي التي تسبب بها الزلزال وأدت إلى افتراق أفراد العائلة عن بعضهم واختفاء عدد منهم تحت الركام والحطام، وخلال رحلة البحث عن أفراد العائلة يعيش المُشاهد أجواء المنكوبين من أضرار الكارثة، فمنهم من لقي حتفه، ومنهم من فقد ذويه، وغيرها من التفاصيل الإنسانية التي تتصاعد درامياً.. الفيلم من إنتاجٍ إسباني بمشاركة ممثلين من الولايات المتحدة وباللغة الإنكليزية.

سان أندرياس

إخراج براد بيتون وبطولة دواين جونسون وكارلا جوجينو وألكسندرا داداريو، وقد أُنتج عام 2015 وهو أحد الأفلام الشهيرة التي تناولت الزلازل في العالم، وتروي قصته إصرار بطل العمل وزوجته على إنقاذ المتضررين من زلزال مدمّر ضرب منطقة سان أندرياس وأدى إلى انهيار أحد السدود، مع توقعات بحدوث المزيد من الزلازل المدمرة في تلك المنطقة، وعبر طائرتهما المروحية يقرر الزوجان السفر إلى تلك المناطق لإنقاذ سكانها ومساعدتهم، وفي خضم هذه الأحداث يقع أكبر زلزال عبر التاريخ بقوة تصل لغاية 9.6 ريختر.

الفيضان

فيلمٌ بريطاني عام 2007 ويتحدث عن عاصفة هائلة مع موجات مدّ كبيرة في البحر تنتقل بجوار ساحل إنكلترا، وصولاً لنهر التايمز، مُدمرة كل شيء في طريقها، وتغرق مدناً بريطانية كاملة، في حين يصارع المسؤولون من أجل إنقاذ من بقوا أحياء من تلك الكارثة، وهو من بطولة روبرت كارليل وجاسلين جيلسيج.

إعصار

وهو من إخراج جان دي بونت، وأُنتج عام 1996 ويتناول قصةَ خبيرة أرصاد تعمل كمطاردة للعواصف في ولاية أوكلاهوما، وقد قررت العمل في هذا المجال بعد فقدانها لوالدها وهي في سن الخامسة جراء إعصار مدمّر اجتاح ولايتها، فترغب في أن تشارك في منع الآثار التي تخلّفها الكوارث الطبيعية، وتنجح بالشراكة مع زوجها في فترة تعرض ولايتهما لأعاصير متتالية في إنشاء نظام حديث للإنذار بالأعاصير عن طريق وضع جهاز قياس في قلب الإعصار، وفي تلك المواجهة يكتشف الزوجان أنهما لا يزالان يحملان مشاعر الحب تجاه بعضهما على الرغم من اتفاقهما السابق على الطلاق.

قمة دانتي

في العام 1997 قدم المخرج روجر دونالدسون فيلم “قمة دانت” الذي قام ببطولته بيرس بروسنان وليندا هاميلتون وغرانت هيسلوف ويتناول تجربةَ أهالي بلدة دانتي بيك الواقعة على سفح جبل يقع في قمته بركان خامد لكنه مهدد بالانفجار في أي لحظة، ورغم تحذيرات الخبراء منه إلا أن السكان لا يأخذون التحذيرات بعين الاعتبار، ليعيشوا بعد انفجاره حالة من الفوضى والدمار الشامل، حاصداً الكثير من الأرواح جراء انهيار المباني وتحطم المركبات.

 

بومبي

فيلم ألماني كندي أميركي عام 2014 وهو من الأفلام التي اهتمّت بعرض الأضرار التي تتسبب بها الكوارث الطبيعية، وقصته مستوحاة من ثوران بركان فيزوف بالقرب من خليج نابولي في إيطاليا والذي دمّر مدينة بومبي في الإمبراطورية الرومانية، فنرى من خلال الأحداث عبداً تحول إلى محارب يخوض صراعاً شرساً لإنقاذ حبيبته، وفي خضم الأحداث ينجوان من بركان يبتلع المدينة ويحولها إلى رماد.

2012

إنتاج عام 2009 وهو فيلم خيال علمي أميركي، من إخراج رولان إيميريش وتمثيل جون كوزاك، أماندا بيت، ويحكي عن تحقق أسطورة شعب الماو الخاصة بانتهاء العالم يوم 21 كانون الثاني 2012 بسبب ظاهرة كونية خاصة بتلاقي عدة كواكب في المجموعة الشمسية على التوازي مع بعضها مما يسبب مجالاً مغناطيسياً قوياً يذيب قلب الأرض ويعكس قطبيتها، فتتفجر البراكين والزلازل.

 

شارع الدولفين الأخضر

إنتاج عام 1947وهو فيلم أميركي مقتبس من نصّ أدبي يتحدث عن نزوح الأوروبيين لأستراليا بعد اكتشافها والصراع الدائر بين المهاجرين وسكان أستراليا الأصليين الذين رفضوا الترحيب بالمهاجرين، وهو من بطولة فان هيفلين، لانا تيرنر، دونا ريد، ريتشارد هارت، فرانك مورجان، وإدموند جوين، وﺇﺧﺮاﺝ فيكتور سافيل.. ومن بين الأحداث قصة إنقاذ تيموثى لماريان بعدما دمر زلزال مروع قرية ماوري، حيث تنفتح الشقوق والأشجار تتساقط في كل مكان، ويغمر تسونامي المكان، وقد حاز الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل مؤثرات بصرية، لا سيما عن تصويره لزلزال مدمر.

الزلزال في السينما العربية

يُعد زلزال مصر عام 1992 من أشهر الهزات الأرضية التي تعرضت لها عندما ضرب الزلزال مصر كلها، وتناولت بعض الأعمال الفنية المصرية هذه الحادثة والنتائج المترتبة عليها، وإن كان أشهرها دراما التسعينيات مثل مسلسل “أرابيسك” 1994 الذي سلّط الضوء ضمن أحداثه على أزمة زلزال 1992والذي انتهت به أحداث المسلسل،  ومسلسل “زلزال” 2019إخراج إبراهيم فخر وبطولة محمد رمضان، حيث تدور أحداثه كلها حول كارثة الزلزال، في حين غاب هذا الموضوع عن السينما وتجسد بفيلم وحيد كوميدي حمل عنوان” زلزال شبرا” قصة عبد العزيز المسلم، إنتاج وإخراج خالد الجابري، بطولة حسن حسني وعبد العزيز المسلم، تدور الأحداث فيه حول زلزال يهدد منطقة شبرا المكتظة في مصر بالزوال وحين يكتشف أحد الطلاب هذا الأمر يرفض أستاذه في الجامعة فكرته ثم يتجه الزلزال مخلفاً كوارثه مسلطاً الضوء على  كيفية مواجهة الحكومة المصرية لهذا الحدث.