مجلة البعث الأسبوعية

الزلزال..  ينكب 8 أحياء بحلب وأضرار جسيمة في قلعتها وأسواقها ..

البعث الأسبوعية  – معن الغادري

أبدى د. صخر علبي مدير الآثار والمتاحف بحلب ورئيس لجنة الإشراف على ترميم الجامع الأموي بحلب، تفاؤله من زيارة وفد أممي من منظمة اليونسكو، لتفقد المواقع التاريخية والأثرية في المدينة القديمة المسجلة على لائحة التراث العالمي عقب الزلزال 6 شباط المدّمر.

وبين علبي أن هذه الزيارة بعد انقطاع دام أكثر من 12 عاماً تعيد فتح قنوات اتصال جديدة مع منظمة اليونسكو للتعاون بما يخص تقديم الدعم والمساعدة في أعمال الترميم والحفاظ على المواقع التاريخية والأثرية بحلب، خاصة بعد ما لحق بها من ضرر كبير جراء الزلزال الذي ضرب حلب الشهر الماضي.

زيارة بناءة…

ويشير الدكتور المهندس علبي أن وفد المنظمة العالمية زار كافة المواقع في المدينة، وأجرى تقييماً دقيقاً لكافة المواقع المتضررة، وخرج بتصورات ورؤية شاملة حول الواقع الراهن للمدينة القديمة والقلعة ومحيطها، ومن المنتظر وفق الوعود التي حصلنا عليها من رئيس وأعضاء الوفد تقديم الدعم المالي والفني في أسرع وقت للمباشرة بإجراء أعمال الترميم للمواقع المتضررة.

أضرار جسيمة …

وكشف علبي أن حجم الأضرار الذي لحق بالقلعة والمدينة جراء الزلزال  كبير جداً، وبحاجة إلى إمكانات مالية وفنية ضخمة وإلى مساعدة المنظمة العالمية لإعادة ترميم ما تهدم، وشملت الأضرار تخلخل مدخل القلعة، وأضرار متفاوتة في الأبراج المتقدمة للسور العلوي، وتصدع وتشقق مئذنة وجدران وأعمدة الجامع الأيوبي، إضافة إلى تضرر جزء كبير من متحف الثكنة العسكرية في القلعة، أما الأكثر تضرراً فهي الطاحونة العثمانية والتي انهار سقفها وأجزاء كبيرة منها.

كما تعرضت العديد من الأسواق والأماكن الأخرى إلى أضرار متفاوتة، إلى جانب تعرض مبنى مديرية الآثار إلى أضرار في أعمدته وأسقفه وجدرانه نتيجة الزلزال.

لا أضرار في الجامع الأموي

ويتابع الدكتور المهندس صخر علبي حديثه للبعث، وهو في طريق سيره إلى الجامع الأموي بواسطة سيارته الخاصة، لعدم تخصيص مديريته بسيارة – خدمة أو خاصة – أسوة بباقي المديريات أن الجامع الأموي لم يتعرض إلى أي أضرار نتيجة الزلزال، وكافة أعمال الترميم التي أجريت سابقاً سليمة فنياً وإنشائياً، مشيراً إلى أن العمل لم يتوقف في الجامع الكبير، ومستمر بوتيرة عالية لإنجاز كافة المشاريع وفق الخطط والمدد الزمنية المقررة.

المطلوبة السرعة بالاستجابة…

وختم مدير الآثار والمتاحف الدكتور المهندس صخر علبي حديثه للبعث بالتأكيد على ضرورة أن تسارع كافة الجهات المعنية بالحفاظ على التراث والمواقع التاريخية بسرعة الاستجابة لمتطلبات إعادة ترميم وتأهيل المواقع المتضررة، مبيناً أن الحاجة أكثر من ماسة لدعم فني ومالي والتواصل والتنسيق مع المنظمات الدولية والمؤسسات التي تعنى بالتراث العالمي لحشد الدعم المطلوب، وتسريع عملية الترميم، خشية من أن تتسع دائرة الضرر أكثر فأكثر نتيجة التصدعات والتشققات التي لحقت بعشرات المواقع التاريخية والاثرية في المدينة القديمة.

أضرار الأسواق القديمة…

 

المهندس أحمد الشهابي مدير المدينة القديمة المهندس بين أن الزلزال تسبب بحدوث أضرار كبيرة في الكثير من المواقع في المدينة القديمة، والتقييم الأولي لتداعيات الزلزال أظهرت حدوث انهيارات في عدد من الأبنية، وتصدع وتشقق أبنية أخرى، إضافة إلى ما لحق من ضرر كبير في عدد من أسواق المدينة القديمة بدءاً من سوق الأحمدية وخانات ( الجمرك والتتن والصابون والوزير)، مروراً بإنهيارات  في البرج الأيوبي لباب أنطاكية وسوق العطارين وسوق أصلان دادا وغيرها من الأضرار التي تعرضت لها اجزاء واسعة من الجدران والاسقف ، في حين لم تتعرض الأسواق المنتهية من التأهيل إلى أية أضرار تذكر .

أحياء منكوبة …

ويشير المهندس الشهابي إلى أن التقييم الفني والإنشائي الأولي لتداعيات الزلزال بين وجود أضرار كبيرة في / 8 / أحياء ويمكن تصنيفها أحياء منكوبة، وهي – العقبة الأكثر تضرراً – والجلوم وقسطل المشط وقسطل الحرامي وساحة التنانير وباب قنسرين، يضاف الى ذلك وجود أضرار متفاوتة لبعض المناطق والمنازل نعمل على تدعيمها وترميمها، بالتعاون مع ورشات وفرق الإنشاءات العسكرية، وذلك بناء على تقارير اللجان الهندسية والفنية المشتركة، والتي تقوم بالكشف على كامل المدينة القديمة المكونة من / 7 / مناطق عقارية مكونة من 16 ألف عقار وتمتد على مساحة 400 هكتار.

إزالة 8 أبنية …

وأشار المهندس الشهابي الى أنه حتى اللحظة تم هدم 8 أبنية منها بشكل كامل ومنها بشكل جزئي ضمن محور السبع بحرات ومدخل خان الحرير وخلف فرن قاضي عسكر وأمام حديقة المتنبي في حي جب القبة، إذ تم إزالة مبنيين بشكل كامل، أما الأبنية الستة المتبقية فقد تم هدمها بشكل جزئي، وتحديداً ما تضرر من واجهاتها وشرفاتها وأسقفها والتي تشكل خطراً على السلامة العامة، وهذه الأبنية تضررت بشكل مباشر من الزلزال.

متابعة مستمرة…

ويضيف المهندس الشهابي أن عمل المديرية الخدمية مستمر على مدار الساعة، وذلك بالتنسيق والتعاون مع كافة الجهات المعنية، ومع مخاتير الأحياء، للإبلاغ عن أي طارىء ناتج عن تصدع أو تشقق يشكل أي خطورة على المواطنين، إذ يتم الاستجابة فوراً من خلال اللجان الفنية والهندسية وفرق المديرية والإنشاءات العسكرية، لإجراء ما يلزم من تدعيم، أو إخلاء المنزل في حال كان هناك خطورة على السلامة العامة، مشيراً إلى أن خصوصية المدينة القديمة ، وضيق شوارعها وتداخلاتها وكثرة أزقتها، يصّعب من مهمتنا، ومع ذلك كانت الاستجابة والمعالجة للحالات الطارئة سريعة وايجابية، وحال ذلك دون حدوث أضرار إضافية في الأملاك والأرواح.

بحاجة إلى دعم…

و يطالب المهندس الشهابي بزيادة الدعم المالي والبشري والتقني لمديرية خدمات المدينة القديمة، نظراً للحاجة المتزايدة وحجم الأعمال المنوط بالمديرية، وركز الشهابي على العنصر البشري من خلال زيادة الحملات التطوعية للجمعيات الأهلية والمنظمات الشبابية، لحاجة المدينة إلى الكثير من الأعمال الفردية، منها فرز الأحجار وترحيل الأتربة والأنقاض، وذلك لصعوبة التنقل بالآليات ضمن أحياء المدينة وشوارعها الضيقة جداً، كما لفت المهندس الشهابي إلى ضرورة العمل على تأمين أجهزة تقنية عالية الجودة من كاميرات وأجهزة كمبيوتر، لتوثيق ما لحق من أضرار في واجهات المباني الأثرية والأسواق وغيرها من المواقع المهمة، لتساعد لاحقاً على إعادة ترميمها وفق ما كانت عليه، مبيناً أن عملية التوثيق تتم وفق جهود شخصية وفردية من منطلق الحرص على خصوصية المكان وحالته التاريخية والأثرية.

ودعا المهندس الشهابي في ختام حديثه إلى ضرورة تدعيم الواجهات الخارجية للأبنية والمواقع داخل المدينة القديمة بقواطع وواجهات معدنية، وذلك حفاظاً على سلامة إنشائها.

أخيراً….

مما تقدم، وبالنظر إلى حجم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمدينة القديمة جراء زلزال 6 شباط وقبل ذلك الإرهاب  على مدى 10 سنوات، لا بد من وضع خطة عمل على مستوى الحكومة – إسعافية ومتوسطة وبعيدة – للحفاظ على إرث هذه المدينة التاريخي، والأهم أن يكون مستوى التواصل مع منظمة اليونسكو بأعلى مستوياته لحشد الدعم المطلوب لإنقاذ ما تبقى من المدينة القديمة وترميم ما لحق بها من أضرار، وبموازاة ذلك لا بد من توظيف الدعم المالي والبشري للمؤسسات والمديريات الإنشائية والخدمية لضمان استمرار عملها ومهامها وإزالة آثار الزلزال والإرهاب على السواء، وتسريع عملية التعافي، دون إغفال دور الجمعيات الأهلية والمعنية بالتراث في تقديم الدعم المطلوب وتكثيف وتوجيه الحملات التطوعية للمساعدة في إعادة بريق ونضارة المدينة القديمة بحلب.