تحقيقاتصحيفة البعث

فوضى الأسعار مستمرة في أسواق حماة.. “السورية للتجارة” تربط طرح المواد المدعومة بتوفرها

ليست أسواق محافظة حماة وريفها بأفضل حال من أسواق المحافظات الأخرى، فغليان الأسعار يكوي جيوب أصحاب الدخل المحدود، وخاصة المتضرّرين من الزلزال الذين بات بعضهم من دون مأوى، وعلى الرغم من الكمّ الكبير من المساعدات والإعانات التي وصلت إلى المناطق المنكوبة في المحافظة، إلا أنها لم تحدّ من ذلك الارتفاع المخيف للأسعار، وسط حالة من الذهول أمام عجز وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن إيجاد حلول ولو إسعافية للتدخل، وتخفيض الكثير من أسعار المواد الغذائية التي ارتفع ثمنها بشكل جنونيّ، كالفروج والبيض واللحوم ومشتقات الألبان وبعض الخضراوات وحتى الحشائش كالبقدونس والنعناع والكزبرة والبصل الأخضر.. وغيرها!.

ما أضيق العيش..

العديد من المواطنين الذين التقيناهم في أسواق المدينة أكدوا في حديثهم أن زلزال الأسعار أشدّ وطأة من زلزال الأرض الذي ضرب البلد منذ أكثر من شهر، فالزلزال هو قضاء الله وقدره، لكن ارتفاع الأسعار هو بفعل المتاجرين بلقمة عيش المواطن، مشيرين إلى وجود أيادٍ خفية تتلاعب بالأسعار دون حسيب أو رقيب رغم ما نسمعه عن تسجيل الضبوط التموينية.

تردي الأوضاع

الخبير بالشؤون الاقتصادية الدكتور محمد علي حسين أوضح أن الزلزال أثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي في البلاد من خلال تدمير البنية الاقتصادية للكثير من المنشآت والمؤسّسات، وهذا الأمر ضاعف من تردي الأوضاع المعيشية الصعبة، إذ تحتاج عملية إعادة الإعمار لمليارات الليرات التي كان إنفاقها في مكان آخر سيسهم في تحسين الواقع المعيشي للمواطن كزيادة الرواتب وتوفير السلع الاستهلاكية للمواطنين بأسعار مقبولة.

مساعدات

وبالنسبة للمساعدات والإعانات المقدّمة من الدول الصديقة، أشار حسين إلى أنها لا تكفي لسدّ الحاجات والمتطلبات الكبيرة للمتضررين خاصة، مؤكداً أن سرقة ثرواتنا من النفط والغاز والقمح من قبل أميركا وقسد، بالتزامن مع وجود الفساد في بعض مفاصل الإدارات، كان له الدور الكبير في توالي ارتفاع الأسعار إلى هذا الحدّ الذي لم يعد يطاق.

تدخلات خجولة

واعتبر الدكتور بسام السيد الخبير بالشؤون الزراعية أن تدخل “السورية للتجارة” غير مدروس، مستغرباً وضع مادة المتة -على سبيل المثال- على البطاقة الذكية وليس الشاي، علماً أن العديد من الأسر السورية لا تتعامل مع المتة كمشروب أساسي، أي ليست ضمن موادها المستخدمة في المطبخ، منتقداً تسليم المواد المدعومة أو المخصّصة  في البطاقة الذكية بشكل عشوائي مملّ نتيجة تباعد الفترات الزمنية متسائلاً: لماذا لا يتمّ تسليمها دفعة واحدة كما كانت سابقاً على البطاقات التموينية؟!.

واقترح الدكتور السيد تفعيل دور صغار التجار في الأحياء لتسليم المواد المدعومة، منعاً لجمهرة مئات المواطنين أمام الصالات والمنافذ والوقوف ضمن طابور طويل.

مناسبة ومنافسة!

مديرُ السورية للتجارة في حماة المهندس حيدر اليوسف بيّن أن “السورية للتجارة” تحاول توفير ما أمكن من المواد الغذائية الضرورية للمواطن وبأسعار مناسبة ومنافسة للسوق، لكنه اعتبر أن بعض المواد يكون الطلب عليها في المدن أكثر من الريف كالخضراوات وبعض أنواع السمن، لأن الريف منتج لهذه المواد، ومع ذلك -حسب اليوسف- يتمّ تزويد صالات الريف بكميات مناسبة لكنها قليلة نوعاً ما لأن بعضها غير قابل للتخزين كالخضار. وذكر أن بعض المواد تمّ طرحها بالمنافذ كالبصل على البطاقة الذكية، بالإضافة إلى طرح مادة المتة في أربع محافظات فقط كونها الأكثر استهلاكاً لها، وسيتمّ قريباً طرح الشاي في المنافذ والمراكز.

دفعة واحدة

وفي ردّه على تساؤلاتنا حول عدم طرح المواد المدعومة دفعة واحدة، أكد أن هذا الأمر متعلق بتوفر المواد في المستودعات، موضحاً أن الظروف والإمكانيات تحول أحياناً دون التدخل الكبير، فعلى سبيل المثال فإن محصول البصل للموسم قبل الفائت كان كبيراً جداً ما أدى لانخفاض سعره وعزوف المزارعين عن زراعته في هذا العام، ورغم تخزين كميات محدودة حينها بحسب استطاعة وحدات التبريد التي لا تتجاوز 2000 طن، لكن لم يكن لهذا التدخل التأثير الجيد بسبب ضخامة الإنتاج آنذاك وعدم القدرة على تخزين المحصول بأكمله، فتمّ تصدير الفائض.

فسحة أمل

ورغم كلّ الآلام والمآسي جراء ارتفاع الأسعار يبقى الأمل بتجاوز الأوضاع الصعبة، وهذا بلا شك يتطلّب الاهتمام بدعم القطاع الزراعي بشكل فعليّ، فالزراعة أساس النهوض بشرط تأمين المستلزمات الضرورية للفلاحين وتوفير كافة الإمكانيات لدعم هذا القطاع الحيوي والذي من خلاله يمكن رفد الأسواق بجميع المواد الغذائية للمواطنين بأسعار تناسب مستوى الدخل ويسهم في تحسين المستوى المعيشي.

ذكاء أسعد