ثقافةصحيفة البعث

أيمن فضة يساند متضرري الزلزال في معرض “وجوه” في أبو ظبي

ملده شويكاني

ليس بغريب أن يحظى معرض الفنان التشكيلي السوري أيمن فضة “وجوه” الذي أقيم مؤخراً في صالة سلوى زيدان في فندق ملينيوم في الإمارات العربية المتحدة- أبو ظبي بإعجاب الجمهور ، فقد جسّد فضة نكبة الزلزال الذي أصاب سورية في لوحاته، وحمل معرضه رسالة إنسانية، إذ خصّص جزءاً من ريع المعرض لمساندة المنكوبين. ورغم أنه تناول الكثير من الإنسانيات في أعماله، إلا أن معرضه “وجوه” شدّ الأنظار بوجوهه المتعبة التي رسمها بتحوير يميل نحو التجريد التعبيري، مركزاً على العين الكبيرة ذات الرموش الطويلة الكثيفة، والشفاه المكتنزة المتسائلة بتحديدات مبسطة باللون الأسود، والأبيض حيناً، كما أنه اعتمد على فكرة المقارنة بين ما قبل سنوات الحرب الإرهابية القاسية ومن ثم الزلزال وما بعدها، من خلال التضاد لنصف الوجه المظلم والآخر المضيء، ومن خلال العين المغلقة والأخرى المبصرة، وبالتضاد اللوني بين الأبيض والأسود.

السمة البارزة أيضاً هي إثارة التداعيات بصور بقيت بالذاكرة لوجوه وهياكل غائبة، تاركاً انعكاس الفضاء اللوني للخلفية يسدلُ على الوجوه مباشرة، ليربط اللون بين الشكل والمضمون.

ففي إحدى لوحاته التي تماوجت بين الأبيض ودرجات الرمادي رسم الأبنية التي بقيت بالذاكرة وكانت تنبض بالحب والحياة خلف الوجه المتأمل بالعين الثانية التي بالذاكرة. وفي لوحة أخرى عبّرت مسحات اللون الأحمر على النوافذ بالدمار الذي حلّ، وعكس اللون الوردي في الجبين صورة عن الحياة التي تهاوت في لحظات.

في جانب آخر حفل المعرض بصور وجوه جماعية مكتظة بانفعالاتها وتعبيراتها يربط بينها وميض الأمل بالخطّ الأبيض المنحني مثل الهلال، كما دلت درجات اللون الأخضر المهيمنة على الوجوه باستمرارية الحياة.

ورغم الألم يدعو فضة إلى التفاؤل بغد أجمل يحمل الخير والسلام من خلال إيحاءات وجه أنثى تقاوم السواد بانعكاس اللون الأخضر.

“البعث” تواصلت مع الفنان أيمن فضة حول معرضه في حديث خاص:

ما الذي أغراك للعرض بصالة سلوى زيدان؟.

صالة سلوى زيدان من أهم الصالات الموجودة بالإمارات، ومن المعروف أن الإمارات واجهة حضارية لالتقاء الثقافات عامة، وأبو ظبي بالتحديد عاصمة الإمارات، وهي عاصمة مهمة تحفل بالفنون والثقافات، لذلك ارتأيتُ أن أقيم معرضي فيها بعد الاتفاق مع إدارة الصالة، وتمّ تخصيص نسبة عشرين بالمئة من ريع المعرض لمساندة متضرري الزلزال.

لماذ اقتصر معرضك “وجوه” على تصوير الوجه فقط، والتركيز على العين الكبيرة؟.

عبّرتُ عن حالة الإنسان الحزين البائس إثر الخوف الذي حدث من هول الزلزال، ومن مآسي آلام فقد الأهل والمكان والأمان، كما أنني رسمتُ قسماً من اللوحات أثناء الحرب الإرهابية على سورية، فجاءت شاحبة حزينة ومكتئبة، أما العين الكبيرة فهي حالة تعبيرية لأن المصدر الأساسي للوجه هو العين التي تدلّ على الرؤية الصادقة للوجه من خلال النظرة.

كيف ترى حضور الفنان السوري رغم اكتظاظ العروض في الإمارات؟

الفنان السوري شغل مكانة بالإمارات رغم اكتظاظ العروض من جنسيات مختلفة، لتميزه بحضوره وإمكاناته وأدواته والمسائل الإنسانية التي يتطرق إليها، وقد حظي المعرض بحضور الفنانين السوريين المقيمين في الإمارات، وأضفى حضورهم تميزاً على المعرض.

هل يهمك التسويق؟ 

الفنان لا يبحث عن البيع والتسويق بقدر ما يهمّه الانتشار على نطاق أوسع، وهذا متوافر بالإمارات التي تجمع جنسيات مختلفة على أرضها.

كتب الفنان والشاعر ناصر زين الدين: بعض الأعمال عبّرت بشكل غير مباشر عما مرّ به وطننا الحبيب من ويلات وكوارث كوجه الطفلة من خلف القضبان، ولوحة الوجوه المكررة التي تدلّ على انفعالات أصحابها ومعاناتهم بتوزيعها وأشكالها، وبعض المباني المحطمة التي لم يبقَ منها سوى تحديدها الخارجي بألوان كالحة.