دراساتصحيفة البعث

كوريا الجنوبية تدخل الفخ الجيوسياسي

عائدة أسعد

انطلاقاً من الوعود التي حصل عليها، والاتفاقات التي توصل إليها مع الولايات المتحدة، تبدو زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إلى واشنطن أكثر من مجزية، حيث قدم بيانه المشترك مع الرئيس الأمريكي جو بايدن مخططاً لشراكة أوثق تتراوح من أشباه الموصلات إلى الفضاء الإلكتروني.

ولكن على الرغم من حقيقة أن تحالف الدولتين سيبلغ السبعين من عمره هذا العام، فإن نفس الوثائق والاتفاقيات التي يدعي يون أنها حصاد وفير تبدو قاتلة، مما قد يعرض المستقبل الاقتصادي لـبلاده للخطر بشكل كبير، فقد كانت هناك، على سبيل المثال، شكوى داخل كوريا من أن يكون يون قد وقع للتو على نسخة من اتفاقية “بلازا” ليخضع أشباه الموصلات في بلاده من بين أشياء أخرى، لسيطرة الولايات المتحدة.

إن الإشارة إلى اتفاقية “بلازا” التي وقعتها الولايات المتحدة، واليابان، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة قد تكون سابقة لأوانها، لكن الاتفاق بشأن التدخل المشترك في سوق الصرف الأجنبي لمعالجة العجز التجاري الفلكي للولايات المتحدة يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه السبب الجذري للركود الاقتصادي الياباني المستمر منذ عقود، والمعروف باسم العقود الضائعة.

لا شك في أن زيارة يون للولايات المتحدة ستسرع وتيرة التعاون بين كوريا والولايات المتحدة واليابان، مما قد يؤدي بالشراكات التي يتم تشكيلها لتصبح ذات طابع جيوسياسي لخدمة استراتيجية الولايات المتحدة المهيمنة في المحيطين الهندي والهادئ، والتي تهدف إلى كبح الصعود السلمي للصين.

يذكر أن كوريا هي واحدة من أكبر منتجي أشباه الموصلات في العالم، بينما تعد الصين واحدة من أكبر مستوردي أشباه الموصلات، ومنع الصين من الوصول إلى أشباه الموصلات الكورية الجنوبية المتقدمة قد يخدم الغرض الاستراتيجي لواشنطن بشكل جيد، ولكنه سيوجه ضربة هائلة لاقتصاد كوريا، بصرف النظر عن تسميم العلاقات الشاملة لـ كوريا مع الصين، والتي كانت متناغمة ومثمرة لعقود بشكل عام.

من اللافت للانتباه أنه في الاجتماع الثالث والعشرين لوزراء المالية، ومحافظي البنوك المركزية في كوريا واليابان والصين، شدد نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد والمالية الكوري تشو كيونغ هو على أن التعاون الثلاثي قد يصبح محركاً جديداً  للإسراع في الانتعاش العالمي المستدام، لكن نتائج زيارة يون للولايات المتحدة تحكي قصة مختلفة، لأنه سمح لـ كوريا بالانخراط أكثر في إستراتيجية الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ لاحتواء الصين.