مجلة البعث الأسبوعية

التجهيزات المساعدة أدخلت نجوم الكرة في سباق التنافس والدعاية التجارية!

البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر

تعتبر التجهيزات الرياضية من لباس وأدوات من أهم عوامل ترجيح رياضي على آخر بعد الموهبة والجاهزية البدنية والذهنية، وطبعاً تختلف من أهميتها من رياضةٍ إلى أخرى، ففي كرة القدم ورغم أنها تمارس في أغلب الدول وخاصة الفقيرة دون أحذية وبكرات سيّئة، إلّا أن التطور الصناعي والتقني الذي خضعت له الأحذية والكرة عبر التاريخ أصبح له أثرٌ إيجابي كبير يكسب اللاعبين المزيد من الدقة والقوة، وأصبح للتجهيزات دعاية كبرى وأرباح كبيرة، حيث يراقب الجماهير نجومهم المفضلين ويقتدون بهم لناحية ما يرتدونه وتعتمد الأندية وحتى اللاعبين الكرات التي تسوق في البطولات الكبرى.

تاريخياً لا يوجد مصدر يؤكد أن كرة القدم تمّ ابتكارها من عدة أشخاص معروفين وإنما جاءت نتيجة تطور تاريخي يمتد آلاف السنوات على نطاق جغرافي واسع، بدأ من لعبة “الهارباستم” التي انتشرت في الحضارتين الرومانية واليونانية في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، وهي عبارة عن كرة محشوة بالصوف تقذف من لاعب إلى آخر مع وجود خصم يقف في وسطهم ويحاول أخذها منهم.

أما أول كرة قدم رسمية ظهرت عام 1863 بعد تأسيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم الذي حدد مواصفات الكرة، على أن تكون مصنوعة من الجلد المنفوخ وكان لونها بنيّاً ليشهد العام 1900 إدخال نوع قوي من المطاط يمكنه تحمل ضغط وركلات أقوى، وفي كأس العالم عام 1930 الذي استضافته الأوروغواي عرف العالم أول كرة متطورة وأطلق عليها اسم “تي” حيث صنعت من 12 قطعة من الجلد عالي الجودة، لكن هذا لم يمنع حدوث خلاف كبير في نهائي ذلك الحدث عندما اختلف المنتخبان الأوروغواياني والأرجنتيني على الكرات التي سيتم اللعب بها حيث طلب كل منهما باللعب بكراته، ليسمح لكل منتخب بلعب شوط بكراته فكان الأول بالكرات الأرجنتينية والتي أطلق عليها اسم “تايننتو” وتقدم وقتها التانغو بهدفين لهدف، وعندما استخدمت في الشوط الثاني كرة الـ”ـتي” من قبل المستضيف الأوروغواي  والتي كانت أكبر حجماً وأثقل فاز بنتيجة 4-2 وأحرز الكأس، ومن وقتها قرر الاتحاد الدولي تقديم كرة واحدة رسمية بمعايير محددة.

استمرّ التطور على صناعة الكرة فتكونت عام 1954 وتحديداً في كأس العالم في سويسرا من 18  قطعة مع حواف متعرجة ومتشابكة وسميت “بيكوين” وكانت مخيطة يدوياً بالكامل، وتحولت في هذه الفترة الكرة من اللون البني الغامق إلى الأصفر لجعلها مرئية في معظم الظروف كالمطر والوحل، وفي كأس العالم عام 1966 في إنكلترا، صنعت الكرة من جلد عالي الجودة وبه 25 قطعة مستطيلة الشكل حولته إلى شكل كروي مثالي، واستخدم هذا التكوين لسنوات بألوان مثل البرتقالي والأصفر والأبيض.

أما اللونين الأبيض والأسود للكرة فاعتمدا في كأس العالم عام 1970 في المكسيك، والذي كان أوّل كأس يذاع على الهواء مباشرةً، وأصبحت ماركة الألبسة الرياضية الشهيرة “أديداس” المورد الرسمي لكرات القدم لكأس العالم، واعتمد اللونان المذكوران من تمييز الكرة عند رؤيتها على الشاشات، وسميت “تيليستار” وتميزت بطبقة بلاستيكية خاصة تجعلها أكثر متانة ومقاومة للماء، وتألفت من 12 جزءاً خماسي الأضلاع باللون الأسود و20 جزءاً سداسي الأضلاع باللون الأبيض تمت خياطتها معاً.

ليأتي تحوّل كبير آخر في كأس العالم عام 1986 في المكسيك عندما قدمت كرة “أزتيكا” وكانت أول كرة مصنوعة من مواد صناعية بدلاً من الجلد الطبيعي ومطلية بمادة البولي يوريثان، ما جعلها مقاومة للماء وساعد في الحفاظ على أدائها على الأسطح الصلبة والرطبة كما كانت أيضاً أول كرة تتضمن تصميمات مستوحاة من الدولة المضيفة.

وفي عام 1998 ظهرت كرة “تريكالور” وهي أول كرة ملونة على الإطلاق تلعب بها نهائيات كأس العالم لكرة القدم، وألوانها مستمدة من ألوان العلم الفرنسي، وفي المونديال الآسيوي عام 2002 ظهرت كرة “فيفرنوفا” أول كرة تتدخل فيها التكنولوجيا من حيث التصميم والعمل على وجود انخرافات بسيطة في سير الكرة عند تسديدها لمخادعة حراس المرمى، وكانت آخر كرة في كأس العالم تجمع يدوياً، ولم تلق الرواج المطلوب وقتها، أما كرة المونديال الألماني عام 2006 “تيمغيست” فامتازت بتصميمها الفريد المكون من 14 قطعة منفصلة، وكانت المرة الأولى التي يتم تخصيص تصميم أو طباعة مختلفة لكل مباراة في المونديال إذ تم طباعة معلومات المباراة (الملعب – تاريخ المباراة – اسم الفريقين) كما أن كرة المباراة النهائية كانت بلون مختلف.

أما الكرة الأكثر إثارةً للجدل فكانت كرة غابولاني في كأس العالم عام 2010 في جنوب أفريقيا، إذ لم تعجب اللاعبين نظراً لأنها كانت تغير مسارها في الهواء أثناء التسديدات بعيدة المدى، وفي المونديال الروسي احتوت كرة “تيلستار 18” على شريحة مضمنة، توفر معلومات أساسية عن المباراة عند توصيلها بهاتف ذكي.

وتعتبر كرة مونديال 2014 “بارازوكا” أول كرة كأس عالم على الإطلاق يتم تسميتها بواسطة الجماهير عن طريق التصويت على الإنترنت، وأخيراً جاءت كرة الرحلة كرة المونديال العربي 2022، أول كرة نهائيات كأس العالم يتم صناعتها من عناصر مثل الغراء والأحبار ويدخل الماء في تركيبها وهي تعد أسرع كرات كأس العالم على الإطلاق، فهي تزن حوالي 420 غراماً وقد ساعد تصميمها بدءاً من نواتها وصولاً إلى سطحها الخارجي في تحسين دقتها واستقرارها أثناء الطيران كما استخدم في تصميمها 20 قطعة من الجلد الصناعي.