الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

تموز ودلالاته ومناسباته

سلوى عباس

الرقم 7 هو مجموعة من حالات الحدس والروحانية والتصوف، والتنوير الروحي، والحكمة الداخلية والقوة، والقدرات النفسية، والاستبطان، والفردية والمظهر، والحظ السعيد، والبحث عن المعرفة والكمال، إذ يرتبط الرقم 7 بالحرية الشخصية والمغامرة والإثارة والتأمل والثقة في الحدس، وربما من هنا جاء تميّز شهر تموز وترتيبه السابع في شهور السنة الميلادية حسب الأسماء السريانية المعتمدة في مشرقنا العربي، وهو اسم الآلهة البابلي “دوموزي” ومعناه ابن الحياة، وهو الإله أدونيس عند اليونان. وقد ارتبط هذا الشهر بالتراث والحكايات الشعبية والأمثال التي مازالت متداولة وبكثرة في أيامنا هذه، فمن منا لم يسمع بمثال: “في تموز تغلي المي بالكوز” كناية عن ارتفاع درجة الحرارة.

لكن لتموز معنا حكاية أخرى، حيث اجتمع فيه عدد من المناسبات الفنية والإعلامية، فبالنسبة لنا صادف في أيامه الأولى الذكرى السابعة والسبعين لتأسيس صحيفتنا “البعث” هذه الصحيفة التي تضمّ أسرارنا، وكنوزنا، وثروتنا الحقيقية، تحمل صدى أرواحنا، وصدى كلمتنا، وصدى المداد الذي امتد لعشرات السنين من التاريخ، تاريخ الكلمة والحكاية والوجع والمعاناة، والتاريخ الإيجابي، ونحن أبناء هذا التاريخ، هذا الإرث الذي نباهي به، هذه الصحيفة أصبحت أيقونة سورية دائمة لأنها رافقت حياة المواطنين في هذا البلد لعشرات السنين، فكانت منبراً بإرثها الكبير وتاريخها الطويل، وبقاماتها التي أسّست لهذا المنبر الجميل ليكون وطناً للسوريين جميعاً، فعندما تتزامن الكتابة مع ظرف تاريخي يعيشه المرء، فإنَّ هذه الكتابة ستصبح ناطقة بالحالة والظروف التي يعيشها الكاتب، ففي المرحلة الأولى تكون الكتابة تلقائية، وفي مرحلة لاحقة عندما يبدأ الوعي متجاوراً مع الكتابة، تبدأ الأسئلة التي تخصّ الحياة اليومية، ومع النضج والوعي أكثر بالكتابة قد تصل إلى الأسئلة الخالدة، الأسئلة الوجودية، فالكتابة فعل مقرون بالمسؤولية بالدرجة الأولى، وكل كلمة تصدر عنّا يجب أن نتمثلها فكراً وسلوكاً لتكون تعبيراً حقيقياً عن مكنوناتنا وأفكارنا، فإن لم تكن كتابتنا مرآة صادقة لذواتنا فإن كل ما نسطّره على الورق يحتاج منّا لوقفة نراجع من خلالها أنفسنا ونتاجنا، لتعكس كتابتنا صدقنا وتوافقنا مع واقعنا وما نفكر ونعيش.

من المناسبات التي صادفت في تموز احتفال عدد من الإذاعات السورية بذكرى تأسيسها، حيث تحتفل إذاعة “شام أف أم” بعيدها الـ ١٦، وهي تمثل لصاحبها ومديرها مشروعاً إعلامياً بدأه بإذاعة منوعات، واستمر مع كل عام من عمر الإذاعة يكشف عن إنجاز جديد، فقارب بما حققه حلمه بإذاعة متطورة وعصرية وأصيلة، وفي ٨/ ٧ تحتفل إذاعة “صوت الشباب” بعيدها الثاني والعشرين، حيث كانت انطلاقتها في 8/ 7/ 2002 وقد بدأت إرسالها بمخاطبة جيل الشباب، لتكون رديفاً للقنوات الإذاعية الأخرى في التلفزيون السوري، وقدمت خلال السنوات الـ ٢٢ من عمرها الكثير من الموضوعات التي تتعلق بقضايا الشباب وطموحاتهم، وناقشت مستقبلهم بكل حرية وصراحة. كذلك في الثالث والعشرين من هذا الشهر أيضاً سيحتفل التلفزيون العربي السوري بعيده الـ ٦٣ وقد بدأ التلفزيون السوري إرساله مساء يوم 23 يوليو 1960 من قمة جبل قاسيون في دمشق بالتزامن مع التلفزيون المصري، وبدأت القناة الأرضية بث برامجها للمشاهد المحلي تحديداً، فالجدوى من وجودها هو عرض هموم وقضايا المواطن السوري.

هو الحلم السوري في ربيعه المتجدّد في انتصارات سورية واحتفالاتها بإنجازاتها، واحتفالات منابرها الإعلامية والفنية والثقافية الوطنية بما قدّمت من عطاءات في خضم حرب نخوضها منذ سنوات ١٣ كانت على مستوى رقي سورية وثقافتها وتاريخها، هذه المنابر التي ندين لها نحن العاملين فيها بالشكر أنها منحتنا الفرصة لنعبّر من خلالها عن أنفسنا وأفكارنا وانتمائنا.