أخبارصحيفة البعث

سيناريو هزيل.. ذريعة الحرب الروسية الأمريكية قنابل على بولندا

تحليل إخباري

لا ندري ما هو بالفعل السيناريو الذي تقوم وسائل الإعلام الأمريكية بتسويقه عبر صفحاتها أو معلّقيها، ولكن ما نعلمه بالفعل أن من يمتلك القدرة على فتح جبهة مباشرة للحرب مع أيّ طرف آخر لا يحتاج إلى اختلاق سيناريوهات حتى يقوم بذلك، فالحرب بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لن تكون بأيّ حال من الأحوال حرباً تقليدية، وذلك أن كلا الطرفين يحتفظ لديه بمئات الصواريخ الاستراتيجية الموجّهة نحو الآخر، والولايات المتحدة تمتلك مئات الصواريخ النووية في قواعدها في أوروبا وتركيا الجاهزة للإطلاق في أيّ وقت على روسيا، وهذا طبعاً لا يحتاج إلى إجراء تمهيدي بل يجب أن يحتفظ بميزة المباغتة والمفاجأة حتى يكون فعّالاً في مواجهة الخصم.

أما التسويق بين الفينة والأخرى لمعركة نهاية العالم والقول: إن واشنطن تتوقّع مثل هذه النهاية في الوقت القريب، فهو على وجه الحقيقة يدلّ على أمرين لا ثالث لهما، فإما أن واشنطن تخشى وقوع مثل هذه الحرب وتطلق إعلامها بين الفينة والأخرى للحديث عنها تعبيراً عن قدرتها على المواجهة ودفعاً لخشيتها من هذه الحرب، وإما أن الهدف داخلي انتخابيّ بامتياز كما درجت العادة على ذلك في أيّ سباق رئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية، ومعلوم أن الهاجس الروسي حاضر في أيّ انتخابات أمريكية ترجيحاً لكفّة أيّ من الحزبين الرئيسين المتنافسين على المقعد البيضاوي، والاتهامات بالتدخّل الروسي في الانتخابات لمصلحة أيّ من الطرفين حاضرة دائماً.

فقد أطلق الصحفي الأمريكي الشهير تاكر كارلسون، فقاعة من العيار الثقيل بحديثه عن أن إدارة الرئيس جو بايدن ستلجأ إلى إعلان الحرب على روسيا العام المقبل للاحتفاظ بالسلطة، وشكّك في الوقت ذاته في احتمال النصر على روسيا.

وعزا كارلسون هذه الحرب التي ستندلع حسب زعمه في العام المقبل إلى أن الإدارة الأمريكية “ستركز كل الصلاحيات في زمن الحرب في يدها لتبقى في السلطة”، حيث إن تجريم السياسة الداخلية الأمريكية سيدفع النظام الأمريكي للتفكير في المخرج الوحيد أمامه وهو الفوز في الانتخابات، والبقاء في السلطة، حتى لا يتعرّض للملاحقة القضائية من معارضيه السياسيين في إشارة إلى الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تعرّض للاضطهاد لمنعه من الوصول إلى كرسيّ الرئاسة مرة أخرى.

وهذا القلق سيدفع الأمريكيين في نظره إلى اختصار هذا الطريق الوعر طريق الحرب من خلال إعادة انتخاب بايدن مجدّداً رئيساً للبلاد منعاً لنشوب مثل هذه الحرب التي يمكن أن تقع بسهولة إذا تم إسقاط صواريخ على بولندا حليفة واشنطن بشكل مفتعل، واتهام روسيا بذلك لإثارة الحرب.

ولكن كارلسون يعلم جيّداً أن مثل هذا السيناريو حدث سابقاً بشكل مفتعل ولم تتمكّن الإدارة الأمريكية من الحديث عن الحرب ضدّ روسيا أو التهديد بها، لأن واشنطن ببساطة لا تدخل حرباً دون أن تكون محسومة النتيجة سلفاً لمصلحتها، كأن يكون البلد المستهدف مدمّراً من الداخل بفعل الحصار والعقوبات كما حدث مع العراق ويوغوسلافيا، أما إذا كان الحديث يدور عن حرب مع روسيا القويّة فإن بلاده ستعدّ آلاف الخطوات قبل الوصول إلى هذا القرار، وليست أصلاً في وارد الدخول في حرب ساخنة بسبب دولة تعدّها أصلاً أداةً وليست حليفاً، وبالتالي فإن مثل هذا السيناريو سيناريو هزيل، لا يمكن صرفه إلا في الداخل الأمريكي.

طلال ياسر الزعبي