مجلة البعث الأسبوعية

لماذا لم يعد طعم للفواكه والخضروات كما كان في الماضي؟ فقدت البندورة أكثر من 50٪ من فيتاميناتها خلال نصف قرن

“البعث الأسبوعية” ــ لينا عدرا

عصر ذكي؟ بندورة حمراء جميلة، كوسا رفيعة تماماً، بطيخ فاتح للشهية.. في الصيف، غالباً ما تخلق الفوكهة والخضار المتعة على مائدة الطعام. ولكنها، بمجرد تقطيعها وتناولها، تخفي أحياناً مفاجأة كبيرة: طعم لطيف، ولكنه بعيد عن طعم الماضي، حيث كانت تفيض بالنكهة حتى ولو كان مظهرها قبيحاً وخشناً بعض الشيء.

وبعيداً عن الإسهاب في خطبة مطولة تستند إلى أن “ما كان قبل كان أفضل”، فإن من الصعب الهروب من هذه الحقيقة فيما يتعلق بحديقة الخضروات على الأقل. فأنت إذا وجدت أن الفواكه والخضروات التي تشتريها من المحلات لا طعم لها هذه الأيام، فهذا ليس لأن ذوقك يبتعد عنك.

هناك عدة تفسيرات لهذا المذاق “اللطيف” للفاكهة والخضروات اليوم، خاصة تلك الموجودة في محلات السوبر ماركت، وأحد هذه التفسيرات بسيط: يتعلق الأمر بالشاحنة والنقل والتسليم. فأنت عندما تذهب للتسوق من محلات السوبر ماركت والمولات، تختار شراء منتج لم تتم زراعته في حقل خلف المحل مباشرةً، إذ يتم نقل شحنات الفاكهة أو الخضار عدة مرات، وفي طريقها تفقد بعضاً منها. والفواكه التي يتم تقليبها في كل الاتجاهات حتى تنتهي إلى “خبيصة”، أو التي لا تتحمل تغيرات درجات الحرارة، على سبيل المثال.

وهناك أيضاً الخسائر التي تسعى العلامات التجارية لتجنبها طوال الوقت، حتى لو كان ذلك يعني تجاهل الذوق. ولذلك تميل محلات السوبر ماركت الكبيرة إلى اختيار أنواع الفاكهة المقاومة بدلاً من الأصناف اللذيذة. بمعنى آخر، ما تجده على أرفف السوبر ماركت هو تمجيد على شاكلة ما يجري للبسكويت. ولكن من حيث الذوق، نحن قريبون من نقطة الصفر.

وتلعب درجات الحرارة دورها أيضاً. فأثناء نقل البضائع، يتم خفض مقياس الحرارة للحفاظ على السلع، لتصل أحياناً إلى 4 درجات مئوية. ونتيجة لذلك، فإن إنتاج الروائح والسكر في فواكه معينة، مثل الفريز أو البندورة، يتأثر. وفي أقل من 12 درجة مئوية، تبقى روائح البندورة على سبيل المثال في الذروة، ولكن هذه البندورة نفسها لا تصل إلى الطبق إلا ولها مذاق شبيه بطعم جبنة الموزاريلا الصناعية.. عدم!!

 

التوقيت مهم

النقل، والتسليم، والشاحنة.. الأمر كله مجرد مسألة وقت. فمحلات التسوق الكبرى تلعب بالفعل ضد عقارب الساعة، تلك التي تجعل البندورة الناضجة الجميلة تنتقل إلى بندورة مفرطة النضج، وبالتالي غير قابلة للتقديم على المائدة (أي بطريقة غير قابلة للبيع، وفقاً لمعايير محلات السوبر ماركت). وفي سبيل توفير الوقت، يتم قطف الفاكهة قبل النضج.

هذه الممارسة لا تخلو من العواقب. بقطف البندورة التي لا تزال برتقالية قليلاً، قبل أن تصبح حمراء حقاً، فإنك تحرمها من جزء كبير من نكهاتها اللذيذة. والشيء نفسه ينطبق على الفريز، على الأخص، والذي له مدة صلاحية محدودة.

كل هذا مجرد غيض من فيض. فهناك عوامل أخرى تؤثر بشكل مباشر على المذاق. فإذا كانت الفاكهة والخضروات قد نمت فوق سطح الأرض، وفوق التربة، كما هو الحال مع بعض إنتاج البندورة في المغرب، فلن يكون لها مذاقها الأمثل. وليس من قبيل الصدفة أن أو تلك التي نمت في الحدائق، وعلى الأرض، تبدوا أفضل بالنسبة لك.

ومن الواضح أن الفصول مهمة. وعلينا ألا تتفاجأ إن لم يكن للبندورة أو الفريز الذي نشتريه في الشتاء طعم: إنه ليس موسمه، والأمر نفسه بالنسبة لجميع الفواكه والخضروات: هناك موسم يجب احترامه ومراعاته إذا كنا نرغب في الاستفادة الكاملة منه.

لذلك، نحن نبتسم، لكن هذه الفاكهة والخضروات، التي لم تعد لها طعم الماضي، زرعت أيضاً، في غير فصلها. وهناك شيئ مهم لابد من التأكيد عليه، ألا وهو قيمتها الغذائية. فقد فقدت البندورة أكثر من 50٪ من فيتاميناتها خلال نصف قرن، وبالتالي فإنها تحتوي على كمية أقل من الكالسيوم والفوسفور والحديد، أو حتى فيتامين ب 2. والسبب، من بين أمور أخرى، هو إفقار التربة من خلال الزراعة المكثفة.