مجلة البعث الأسبوعية

كرة القدم تعاني عجزاً باللاعبين.. الفقر في الناحية الفنية ولّد مشاكل في صناعة الهداف وضعفاً بحراسة المرمى

البعث الأسبوعية-ناصر النجار

المتابع لأحوال أنديتنا يجد أنها تبحث عن لاعبين هنا وهناك فصفوفها حتى الآن لم تكتمل ونواقصها كثيرة ومن استطاع أن يتعاقد مع مجموعة من اللاعبين الجيدين فإنه يشتكي من ضعف الصف الاحتياط وذلك لعدم وجود لاعبين مناسبين، فأغلب لاعبينا بلغوا سن الاعتزال والدليل أن أغلب الأساسيين في الفرق تجاوزوا سن الثلاثين وحدث الأسبوع الماضي أن أحد أنديتنا الكبيرة وقعت مع لاعباً بلغ الأربعين، وهذا دليل على أن أنديتنا والدوري دخل مرحلة العجز الكروي.

وعلى مبدأ (مكره أخاك لا بطل) بدأت أنديتنا بزج بعض اللاعبين الشباب في صفوفها من أجل استكمال اللائحة وربما كان الخير في هذا الأمر، وعلينا أن نشدّ على أيدي أصحاب فكرة الدوري الأولمبي لأنه سيحيي كرتنا السورية وسيقدم لنا جيلاً جديداً من اللاعبين.

النواقص في كرتنا كثيرة فأغلب أنديتنا تبحث عن لاعب يلعب بالقدم اليسار والنقص كبير في الكثير من المراكز لكن النقص الواضح يكمن في مركز حراسة المرمى وفي مركز المهاجم الهداف، وهذا ما تعاني منه أغلب أنديتنا على أمل أن توجه عنايتها لتفادي هذا الخلل الخطير بكرتنا.

مدربو القواعد

في البداية علينا أن نتابع المسألة الفنية بعناية لأن لها علاقة بتطوير اللاعب وصقل خامته، وهذا الأمر لا يلقى الاهتمام المطلوب بالشكل الأمثل، فاللاعب المراد تطويره يجب أن يكون في عمر صغير حتى يتمكن المدربون من عملية البناء الصحيحة وتطوير مهارات اللاعب وتنمية فكره الكروي، وعندما يصبح اللاعب بعمر الأولمبي صار من الصعب تطويره بشكل كامل ويمكن فقط تحسين مهاراته والاستفادة من طاقته بتوظيفها بالشكل المناسب.

لاعبونا يولدون موهوبين بالفطرة ويعشقون كرة القدم حتى الثمالة وإذا سألت عشرة أطفال ما الرياضة المحببة لديك لوجدت الأغلب يختارون كرة القدم، لذلك لدينا خزان بشري هائل من الصغار الذين يمارسون كرة القدم سواء في المدارس أو الملاعب الشعبية أو الأندية ولكن نفتقر للكشافين الحقيقيين للمواهب وينقصنا المدربين الاختصاصيين الذين يطورون هذه المواهب، ومن خلال متابعتنا نجد أن أغلب مدربي القواعد في الأندية هم من اللاعبين الذين اعتزلوا اللعب وأغلبهم غير مؤهل، لأن تدريب الصغار بات اختصاصاً له أسلوبه وطريقته ونحن لا نملك المدربين الاختصاصيين بتدريب القواعد، لذلك من النادر أن نجد موهبة أطلت علينا بفنها الكروي ومهارتها المحببة لأن كل لاعبينا لم يتعلموا كرة القدم الحقيقية وهم ليسوا أكثر من ممارسين لها، ما قام به اتحاد كرة القدم من مشروع تطوير الكرة السورية أمر جيد، لكن يجب أن يرافقه تطوير للمدربين الذين يعملون في القواعد وما دام كل مدرب يعتمد على جهده الشخصي فلن نصل إلى النتيجة التي نريدها.

وعلى صعيد مدربي الرجال فكرتنا تدور بين عدد من المدربين الذين ينتقلون من موسم لآخر بين الأندية وأغلب مدربينا متقاربون بالمستوى لأنهم نهلوا علمهم من معين واحد، والدورات التي تقام لمدربينا باتت كلاسيكية وغير مطورة ولا بد من اتباع دورات عالية المستوى تفوق الدورات التي تقام حالياً، بيد أن الأهم فترات المعايشة وهذه مرحلة مهمة في اكتساب المدرب الخبرة العملية على الأرض، فالتعايش مع مدربين لهم وزنهم سواء كانوا أجانب أم عرب يمنح مدربينا خبرة عملية هم بأشد الحاجة إليها.

وعملياً فإن الدوري المحلي يظلم المدرب لأن الأندية تريد من المدرب أن يكون ساحراً وأن يحقق الفوز تلو الآخر، والمدرب الذي لا يحقق مراد الأندية يتم صرفه، لذلك نجد المدربين يعيشون حالة القلق الدائمة من النتائج وبهذه الحالة النفسية لا يمكن للمدرب أن يقدم ما عنده والمفترض عند التعاقد مع أي مدرب أن يوضع الهدف من التعاقد مع برنامج عمل مترافق باستراتيجية طويلة كما نشاهد في الدوريات العالمية والعربية، فلا نجد مدرباً يقال بعد عدة مباراة ولا بد أن يأخذ المدرب فرصته ليقدم ما عنده، فضلاً عن أن الإدارات أو أغلبها لا تقدم للمدرب وسائل التفوق والدعم الكامل والاهتمام، بل إن بعضها يفرض على المدرب هذا اللاعب أو ذاك ويمكن أن يفرضوا عليه تشكيلة معينة.

عدد المدربين العاملين في الأندية الممتازة قليل ولا يتناسب مع حجم كرتنا لذلك فأنديتنا لا تملك خيارات كثيرة وعليها أن تنتقي مدربيها من عدد محدود من المدربين.

المدربون الذين قادوا الدوري مع الفرق الممتازة في السنوات الأخيرة هم: أنور عبد القادر وأحمد هواش وحسين عفش وماهر بحري وأيمن الحكيم وخالد حوايني وفراس قاشوش وعمار شمالي وعبد الناصر مكيس ومحمد خلف وعماد دحبور وفجر إبراهيم وأنس مخلوف ووليد الشريف وعبد القادر الرفاعي ومحمد اليوسف وحسان إبراهيم.

وهناك الكثير من مدربي الظل الذين يقودون فرقهم كمدربي طوارئ وعلى الأغلب هم مدربون مساعدون لم يأخذوا فرصتهم بقيادة الفرق كمدرب رئيسي لأسباب متعددة.

وظهر مؤخراً بعض اللاعبين الشباب أمثال: ضرار رداوي وطارق الجبان ومصعب محمد ومحمد شديد وبشار سرور وعمار ياسين وفواز مندو وإياد مندو وباسم ملاح وأحمد عزام وفراس معسعس وهشام شربيني ومحمد عقيل ومعن الراشد وغسان معتوق وزياد شعبو وعساف خليفة وياسر المصطفى وغيرهم.

حراسة المرمى

المشكلة الكبيرة التي تعاني منها كرتنا هي ضعف حراس المرمى، فكرتنا تعيش على عدد قليل من الحراس ليس لديهم خلفاء بالوقت الحاضر وهم مطلوبون دائماً للأندية ويتبادلون فيما بينهم مراكزهم بالأندية في كل موسم حسب العرض والطلب، ويتحمل مسؤولية هذا الفقر والضعف الأندية بلا استثناء لأنها لا تعمل على تهيئة حراس جدد وتأهيلهم ليكونوا نواة لحراس المستقبل، ودوماً تبحث عن الحارس الجاهز، وإذا علمنا أن أغلب حراس الدوري بكل الدرجات تجاوزوا الثلاثين من العمر لأدركنا حجم الكارثة ولعلمنا المصيبة التي تنتظر كرتنا في قادم المواسم.

المنتخب الأولمبي على سبيل المثال أدرك هذه المسألة واشتكى من ضعف حراسه فاستعان في الدورة العربية بحارس تجاوز السابعة والثلاثين من العمر وهو اليوم يستعين بحارسين واحد يلعب في روسيا والآخر يلعب في السعودية.

الأندية قبل اتحاد كرة القدم عليها العمل على تأهيل حراس جدد، ولعل الدوري الأولمبي فرصة لنكتشف بعض الحراس، ولكي يأخذ الحراس الجدد مكانهم بالمباريات، ولعل السنوات الماضية كانت سبباً في هذا الضعف لأن أنديتنا لم تكن لتغامر بحراسها الاحتياط في المباريات ولم تمنحهم الفرص المناسبة فبقي هؤلاء ضمن إمكانياتهم والجميع يدرك أن ابتعاد الحارس عن المباريات يضعف مستواه كثيراً لأن مركز الحراسة هي أكثر المراكز حساسية وتتطلب تركيزاً كبيراً لا يمكن الحصول عليه دون مباريات كثيرة.

الحراس الذين تجاوزوا الثلاثين من العمر وبعضهم اقترب من الأربعين هم: سامر رام حمداني وفاتح العمر وخالد حاج إبراهيم وخالد إبراهيم وهم حالياً إما احتياطيون أو خارج الأندية الممتازة، ومن الحراس الاحتياط فادي مرعي وزكريا دهنة وعيسى الأشقر ومحمد مارديني ومن الأساسيين: إبراهيم عالمة وأحمد مدنية وشاهر الشاكر وطه موسى باشا وحسين رحال وعبد اللطيف نعسان وأحمد الشيخ ومحمود خلف ونبيل كورو ومحمد المصري.

ومن الحراس الاحتياط الذين لم يأخذوا فرصتهم: طلال الحسين وعلي مريمية وعلي هولو ووليم غنام، ودخل الدوري مجدداً أمجد السيد قادماً من حتا الإماراتي ويعول عليه نادي الوثبة الكثير، ووجدنا أن يزن عرابي عندما نال فرصة جيدة الموسم الماضي مع جبلة وتألق وجد فرصة أخرى مع حطين في الموسم الجديد، وحسب عقود الرعاية في الأندية نجد أن بعض فرق الرجال رفعت على كشوفها عدداً من الحراس الشباب أمثال مجد حسون وجمال قاسم وليث دنورة ومحمد يامن مطلق ويوسف عساف ومحمود شنطة.

مسؤولية اتحاد كرة القدم تتعلق بتأهيل ما يمكن تأهيله من مدربي حراس المرمى والعمل على إقامة دورات متعددة وكثيفة على مستوى كل المحافظات إضافة لدورات مركزية، والصيف الماضي أقام اتحاد كرة القدم دورة لمدربي الحراس ولكن دورة واحدة لا تكفي.

العملة النادرة

العنوان الرئيس للكرة السورية هو العقم الهجومي، فترى الدوري مملوءاً بالمهاجمين ولكنه فقير جداً بالهدافين، وهذه مشكلة تعاني منها كرتنا على صعيد الأندية والمنتخبات، وإذا أجرينا إحصائية بسيطة للهدافين الأوائل منذ انطلاق الدوري الكروي الممتاز موسم (2017/2018) أي قبل ستة مواسم من الآن لوجدنا ندرة بعدد الهدافين وللأسف فإن أغلبهم من كبار السن ولم تنتج لنا السنوات الأخيرة هدافين جدد يمكن أن تعول عليهم كرتنا لمستقبلها.

وإذا نظرنا في قائمة الهدافين الأوائل في المواسم الستة السابقة لوجدنا أن الصدارة لهداف الجيش محمد الواكد وله 98 هدفاً يليه محمود البحر وله 46 هدفاً ثم باسل مصطفى ومحمد زينو ولكليهما 39 هدفاً يليهما أنس بوطة وله 38 هدفاً ثم علاء الدين دالي وله 35 هدفاً وأحمد العمير وعلي غصن ولهما 31 هدفاً ومحمد كامل كواية 30 هدفاً ومحمد المرمور 29 هدفاً وعلي خليل 25 هدفاً وكل من محمد قلفاط ومصطفى الشيخ يوسف ورامي عامر 23 هدفاً وعبد الرحمن بركات 22 هدفاً ومحمد عوض ومارديك مردكيان 21 هدفاً ومؤنس أبو عمشة 20 هدفاً.

هذه الأسماء الأوائل والتي يبلغ عددها عشرون هدافاً في هذه المواسم لا يوجد بينها إلا أربعة أسماء من الجيل المتوسط والبقية تجاوزوا الثلاثين من العمر وبعضهم اقترب من الأربعين، ولم نر أي من الجيل الجديد قد دون اسمه على قائمة الهدافين رغم أن بعضهم يلعب في الدوري منذ ثلاث سنوات أو أكثر، وما نقصده أن الجيل الجديد لو كان لديه الموهبة التهديفية لظهر في موسم أو أكثر وزاحم الآخرين على قائمة الأهداف ولو في أحد المواسم.

لذلك نجد مباريات الدوري شحيحة بالأهداف وأغلب المباريات باتت تنتهي بنتيجة هدف أو هدفين أو بنتيجة التعادل السلبي أو بهدف لهدف، وهذا ليس بسبب تكافؤ المستوى بين الفرق وشدة المنافسة في المباريات، بل بسبب غياب القناص الذي يعرف كيف يسجل الأهداف من فرصة أو نصف فرصة، وإلى زمن قريب كانت فرقنا تضم في صفوفها أكثر من هداف قادر على هز الشباك ونذكر منهم عساف خليفة والمرحوم محمود محملجي وعارف الأغا وزياد شعبو وماهر السيد ورجا رافع ومهند إبراهيم وتامر اللوز والقائمة تطول، وهذا دليل على أن المهاجم الهداف موجود دائماً في كرتنا وهو مولود هدافاً بالفطرة، لكن الذي حدث أن العناية بالمهاجمين قد تكون أقل من السابق وربما كان توظيف إمكانياتهم في المباريات أقل، وقد يكون أسلوب اللعب له دور في ذلك.

على الأغلب فإن الأسلوب الدفاعي الذي تنتهجه أغلب الفرق يقتل المهاجمين، فكيف بمهاجم واحد قادر على الهجوم والتسجيل بآن معاً، لذلك لا بد من تفعيل العامل الهجومي فهو خير وسيلة للدفاع، ولابد من تحديث أساليب تمارين المهاجمين من أجل فك شيفرة العقم الهجومي، وبالمحصلة العامة فإن المعول الرئيس هو على مدربي الفئات العمرية الصغيرة لاكتشاف الهدافين والعمل على تطوير مستواهم وصقل موهبتهم التهديفية.