اقتصادصحيفة البعث

عفواً.. أيها المتاجرون!!

قسيم دحدل

باعتقادنا أن القرار الذي أصدرته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قبل بضعة أيام، المُرقَّم بـ 3466، وبموجبه تمّ إلغاء العمل بمضمون القرار 1370 الصادر بتاريخ 6-5-2023..!، أي إلغاء إلزام كافة الصناعيين المنتجين للمواد الغذائية الأساسية والمنظفات، والمستوردين لها، بتسليم نسبة 10% (بعد أن كانت 15%) من تلك المواد للمؤسّسة العامة للتجارة وبهامش ربح 2%، باعتقادنا.. يضع حداً لادّعاءات المستوردين من صناعيين وتجار، بأن “فرض” تلك النسب لم يكن ليستوي وحساباتهم في ظلّ ارتفاع تكاليفهم وسعر الصرف وأجور الشحن والرسوم الجمركية والضرائب، الأمر الذي أدّى لخروج العديد منهم، من دائرة الأعمال وحتى هجرتهم!

إلغاء، ولا شك، حرم مؤسّسة عامة كتجارتنا الداخلية وفروعها من سلع ومنتجات لا تستطيع استيرادها بسبب العقوبات، فيما بمقدور التاجر والصناعي في القطاع الخاص ذلك! الأمر الذي أسقط قدرة المؤسّسة على تدخلها الإيجابي في السوق، حيث استكثر القطاع الخاص عليها ذلك في ظلّ هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وإخراجها مما يدعيه عليها من منافسة له، وهي في الحقيقة غير ذلك أو لا تستطيع ذلك بسبب الغلبة العددية لنقاط البيع التي يتميّز بها القطاع الخاص.

إذاً ومهما كانت حجج الخاص، فقد تمّ له ما أراد، وهذه خطوة تُحسب للوزارة لناحية تقديمها كلّ ما يسهّل وييسر تجارة الخاص، الذي لم يكتفِ بهذه الخطوة، بل طلب المزيد من الإلغاءات والإعفاءات والقرارات التي تصبّ في مصلحته!!.

المفارقة أن القطاع الخاص لم يكن يورِّد تلك السلع بسعر التكلفة، بل بهامش ربح 2%، ومع ذلك عدد من التّجار والمستورين والصناعيين لم يلتزموا بقرار تسليم الـ 10% من منتجاتهم للقطاع العام، فماذا يريدون؟!! هل يريدون “الجمل بما حمل”؟!

من المؤكد أنهم يريدون ذلك، وأدواتهم جملة من الحجج التي لا ترقى لتجعلهم يتخلون عن أن يكونوا بالفعل الجناح الثاني لاقتصادنا الوطني، وشريكاً حقيقياً في تحمّل المسؤولية، حيث يتطلّب الوضع وأكثر من أي وقت ذلك، في حين يعاني المستهلك والقطاع العام بأكثر مما يُعانونه وبأضعاف مضاعفة، لكن الجشع والطمع على ما يبدو لم يعد لهما حدود عندهم!! ولا أدلّ على ما نقول، لجوؤهم يومياً لرفع الأسعار، الذي يبررونه ويبررون عدم انسياب السلع إلى الأسواق، بقرار الالتزام بتسليم الـ10%؟!

رغم كلّ ما طرحناه، ورغم إلغاء القرار الذي أحلَّ الصناعيين والتجار مما ذكرنا، لكننا وكما الخبراء في حماية المستهلك لا نتوقع انخفاضاً “محرزاً” في التسعير والأسعار، والأيام بيننا، مع أن التساهل والتسهيلات الحكومية التي تقدّمها للقطاع الخاص لا تتوقف!!.

واقع يستدعي من الحكومة إيجاد حلّ لهذا الوضع، ولعلّ الحل (الذي كان أول من طرحه، معالي وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الحالي نفسه، يوم كان مديراً لـ “مؤسسة عمران” خلال لقائنا به)، هو أن تلعب مؤسساتنا التجارية العامة دور التاجر والمستورد بشكل كامل، وهذا يستدعي وجود تشريع يساهم في نجاح هذه الخطوة، ويعتق رقبة قطاعنا العام والمستهلك من قبضة المتاجرين باحتياج الوطن والمواطن السوري.

Qassim1965@gmail.com