دور الإصابات في استمرارية نجوم كرة القدم.. وكيفية الوقاية منها
البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر
لا يكفي أن يكون لاعب كرة القدم متميزاً موهوبا ًبما تفعله قدماه، وإنما الأهم من ذلك أن يحافظ على لياقته وسلامة جسمه من خطر الإصابات، فهي السبب الرئيس في خروج نجوم وعمالقة للعبة رغم أن أعمارهم تسمح باستمراراهم وأبرزهم رونالدو نزاريو الظاهرة البرازيلية، وفي الوقت نفسه نشاهد سميه كريستيانو البرتغالي يلعب وكأنه في العشرينيات، ولإدراك أهمية الإصابات والوقاية منها سنتحدث اليوم عن ذلك اعتمادا ًعلى تقارير وآراء لأهم خبراء الصحة الرياضية حول العالم.
يمارس كرة القدم ما يقارب 4% من سكان المعمورة أي ما يقارب 265 مليون لاعباً ولاعبةً، ولأن هذه الرياضة تعتمد على تعتمد على الجري السريع والاستدارة يمنة ويسرة والتوقف المفاجئ والاصطدام إما بأرض الملعب أو بلاعبين آخرين يزيد من خطر إصابات الأطراف السفلى وخاصة القدمين الشائعة جداً على مختلف مستوياتها، فمنها الطفيفة أثناء اللعب مثل الكدمات ومنها الحوادث الكبيرة مثل الكسور أو تمزق أربطة المفاصل كالركبة والكاحل، وهناك إصابات أخرى هي الأكثر تأثيراً على اللاعب وعلى مستقبل قدرته على مواصلة اللعب، وهي الإصابات المزمنة مثل التهاب أو تمزق وتر العرقوب أو حدوث خشونة في المفاصل.
وتحدث الإصابة في العضلات والأربطة عند تعرُّضها لقوى أكبر من قوَّتها الأصليَّة، فمثلًا يمكن أن يتعرَّضوا للإصابة إذا كانوا شديدي الضَّعف أو التَّوتُّر من الرياضة التي يُحاولون القيام بها، تكون المَفاصِل أكثرَ عُرضةً للإصابة عندما تكون العضلات والأربطة التي تدعمها ضعيفة، كما هيَ الحال بعد حدوث التواء، ويمكن للفروق الفرديَّة في بنية الجسم أن تجعل الأشخاص عُرضةً للإصابات الرياضية من خلال إجهاد أجزاءٍ من الجسم بشكلٍ غير متساوٍ، عندما تكون الساقان غير متساويتين في الطول، تكون القوى المُطبَّقة على الوركين والركبتين غير متكافئة وتُشكِّل مزيدًا من الضغط على أحد جانبي الجسم، ويمكن أن يُسَبِّبَ الانكبابُ المُفرِطُ – الدّوران باتجاه الجهة الدَّاخليَّة من القدم بعد أن تضرب الأرض – آلاماً في القدم والرُّكبة ومن الطبيعي القيام بدرجة مُعيَّنة من الانكباب الذي يمنع الإصابات من خلال المساعدة على توزيع قوة صدمة القدم على كامل القدم.
وتعتبر إصابات رياضة كرة القدم عالية جداً، إذ تفوق إصابات كرة الطائرة والسلة واليد حتى لعب رياضة الرغبي الشهيرة في أستراليا والمعروفة بخشونة وعنف اللاعبين، إن الكم الأكبر (74 في المائة) من إصابات لعب كرة القدم تحصل جرّاء التصادم بين اللاعبين والأكثر شيوعاً هي حوادث مفصل الكاحل (77 في المائة) والتي عادة تحصل أثناء الجري أو المراوغة أو محاولة اللاعب التصدي لهجوم الفريق المقابل مما يجعل اتجاه التصادم من الناحية الجانبية للقدم والكاحل الذي يرتكز به اللاعب على الأرض أثناء التصادم.
أما الإصابات الحادة، فإن أكثرها شيوعاً هي كسور عظام مشط القدم خصوصاً عندما يقوم أحد اللاعبين بدهس قدم الآخر أثناء اللعب مما يؤدي إلى ألم شديد وعدم مقدرة اللاعب على متابعة المباراة والحاجة الفورية لنقله إلى المستشفى.
وهناك الإصابات الجراحية ومن أكثرها شيوعاً في كرة القدم إصابات الركبة، خصوصاً تلك التي تصيب الرباط الصليبي الأمامي أو الخلفي وغضروف الركبة، ويمكن أن تؤثر سلباً على مشاركة اللاعب على المدى البعيد في هذه الرياضة، كما أن لاعبي كرة القدم يتعرضون بفرص أكبر للالتواء في الكاحل بسبب العنف في الحركات، ويلي ذلك، إصابات الكتف، فهي شائعة إلى حد كبير، كما أن مفصل الكتف بمكوناته يكون عرضة للالتهابات خاصة في الخطوط الهجومية والدفاعية، بالإضافة إلى ذلك، تظهر إصابات في مفصل عظمة الترقوة بشكل كبير.
نأتي الآن إلى الوقاية، حيث نشرت إحدى مراكز الأبحاث البريطانية التابعة لرابطة الدوري الإنكليزي الممتاز دراسةً عن الإصابات في السنوات ما بين 1989 و2014، مشيرة إلى تحقيق انخفاض في نسبة الإصابات وصل 37 في المائة خلال اللقاءات التي عقدت في تلك الفترة، ما قد يكون نتيجة مباشرة للبرامج التعليمية والتثقيفية التي تقوم بها الفيفا لهذا الغرض، ومنها عمل فحص دوري وتقييم لصحة اللاعب قبل الموسم، والمحافظة على عمل الإحماء والتبريد الروتيني، وتمارين شد ومد العضلات، والإرواء الكافي لتقليل التشنجات، وارتداء المعدات الواقية المناسبة مثل وسادات الركبة والساق.
وعليه يتوجب على الأندية ضرورة وجود الطاقم الطبي وأخذ مداخلاته عند وضع خطة التدريب العامة لجميع اللاعبين والأخذ بعين الاعتبار الحالة الصحية والجسدية لكل لاعب على حده مع تعديل التدريبات عند الحاجة وأخذ كل سبل الوقاية للتقليل من هذه الإصابات والتي تكون عواقبها، أولاً وأخيراً، سلبية على النادي ونتائجه في المباريات.
وبشكل عام على اللاعبين الالتزام بالراحة المطلوبة قبل ممارسة الرياضة، ومحاولة تفادي الإصابات الوارد حدوثها وقت ممارسة الرياضة قدر الإمكان، عن طريق اتباع الطرق التالية: الإحماء الجيد الكافي قبل البدء بالتمارين الرياضية، من خلال البدء بحركات خفيفة وتدريجية للتمرين، وارتداء الأحذية المناسبة للنشاط الرياضي، واستخدام شريط أو لاصق للركبة الضعيفة إن لزم الأمر، واستخدام معدات السلامة العامة والمناسبة، مثل: واقيات الفم، وواقي الرأس. الإكثار من شرب السوائل قبل وأثناء وبعد النشاط الرياضي، وتجنّب ممارسة التمرين في وقت ارتفاع الحرارة.
وأخيراً ممارسة الألعاب الرياضية المختلفة لضمان اللياقة البدنية وقوة العضلات جميعها، والتدريب حسب الشدة والكثافة المناسبة للفرد، حتى تكون العضلات قادرة على تلبية متطلبات النشاط الرياضي الممارس، وعدم الإفراط بالتدريب الذي يفوق مستوى اللياقة البدنية لدى الفرد، إنما يمكن اتباع الزيادة التدريجية في شدّة التمرين.