ثقافةصحيفة البعث

وسيم خضر: الشعر ليس معادلة رياضية أو حسابية

طرطوس- هويدا محمد مصطفى

نشأ الشاعر وسيم خضر في ربوع قرية جميلة مطلة على وادٍ من أحد السفوح الجبلية، تفوح منه رائحة النعناع البري، وشميم رياحين متعدّدة، من هناك تذوق الجمال وصاغ حروفه، فكتب أجمل الألحان عبر قصيدتي النثر والهايكو، وللتعرف على عالمه الجميل، كان لنا الحوار الآتي معه.

*لكل شاعر بداية، كيف كانت بداياتك في عالم الشعر؟.

أبي/ ألوّح بقصيدتي الجديدة/ يبتسم/ ما إن تبدأ شفتاي برسم/ الحروف/ حتى أدرك أن البحر في عينيه/ والسماء جُمعت بين ذراعيه/ يضمني ضَمةَ رجل لرجل/ يقع نظري على مقوي/ السمع/ وعلبة دواء بجانبه..

أمي/ تحتفظ برسائلي/ مختومة/ من يخبرها بأن كعبي/ ليس سبباً/ في الأمطار الصيفية؟/ من يخبرها/ بأن غيابي../ ليس سبباً/ بالأزمات الدولية؟/ من يخبرها/ بأن حضوري/ ليس سبباً/ لعودة السلام/ إلى الكرة الأرضية؟/ أمي لا تسمح/ بنزع غلاف رسائلي/ أمي لا تخطئ قراءتي/ أمي أمية.. هكذا بدأت الشعر.. أمي وأبي أجمل البدايات.

* تكتب قصيدة النثر وقصيدة الهايكو، ما الفرق بينهما وأين تجد نفسك؟.

قصيدة النثر لا تعتمد على النهايات ذات القوافي، وفضاؤها الشعري بالنسبة إلي أوسع، وأحاور قصيدتي بقصة ما قد تعنيني أو لا.. أحلق في فضاء القصيدة وأبحر عبر الاستعارات والتخييل والدلالات الرمزية وعبر رؤية جديدة، هكذا هي قصيدة النثر، وبهذا الخصوص أقتبس من الصفحة العاشرة من كتاب “فارس وتخوم.. دراسات نقدية آراء وشهادات في تجربة الشاعر توفيق أحمد” قول: “غايته ومقصده هو الشعر من دون النظر إلى الشكل أو الإطار أو الهيكل الذي يبني عليه قصيدته، ويؤسّس لمعماره الشعري، فضابط الشعر بالنسبة له هو الحسّ الفني، لأن الشعر ليس معادلة رياضية أو حسابية”، أما بالنسبة لقصيدة الهايكو ففي البداية تأثرت بأدب الأستاذ محمود الرجبي وبعبقرية ودهشة قصائده، أحببت هذا الجنس الأدبي.. إن كان هايكو بصوره الثلاثية ودهشتها أو قصيدة أكتبها معتمداً على كثافة الصور الخاطفة والمدهشة، وأشعر بأن هنالك محاكاة بين قصيدة النثر وقصيدة الهايكو..

أتلاشى بك

كالغيمة

في جسد السماء

كالبرعم تحت اللحاء

في داخلي

صرخة ربيع..

* ما هي القضايا التي تطرحها من خلال قصائدك وهل من رسالة تريد إيصالها؟.

طبعاً هناك رسالة، فالشاعر كالجندي في المعركة كلماته كوقع الرصاص لها صداها في كل مكان، وأعدّ قصيدتي هي بمنزلة توثيق لرسالة أتركها للمتلقي أطرح قضايا كثيرة منها إنسانية واجتماعية ووطنية المرأة والحب والطفولة، أحاول أن تكون قصيدتي متفردة لكل الحالات التي نعيشها.

*هل الظروف لها علاقة بالقصيدة وهل تكتب حسب حالتك النفسية؟.

الحالة التي أعيشها تكتبني، وأجد نفسي بين كلماتي كمسافر لا يعرف أين المسير، وحدها القصيدة تنشلني من وحدتي توقظ بداخلي وهج الحياة.. الكاتب إنسان مرهف الحواس يتأثر ويؤثر، أغلب كتاباتي فيها الحب والتفاؤل.

الأنثى

عندما تبوح

يُخلقُ فصلٌ جديدٌ

تتوهم أنكَ عشتهُ..

*لمن تكتب وبمن تأثرت من الشعراء؟.

تأثرت بالكلمة التي تدخل الروح، الكلمة التي تترك صداها في حواسي فلم أتعلق بشاعر محدّد، أحب كل شاعر يتغزل بالجمال وله حسّ وطني، من هذا الزمان تأثرت بالأدباء منذر يحيى عيسى وغسان كامل ونوس وحسن إبراهيم سمعون والشاعر والفنان التشكيلي أمين غانم والأديب الفيلسوف وائل غازي شعبان، وفي الحقيقة يوجد الكثير ممن ترفع لهم القبعة والصديق الشاعر نسيم وسوف.

*من خلال متابعتك للواقع الثقافي، هل ما يزال هناك متلقٍ وقارئ، كيف تصف المشهد الثقافي بشكل عام؟.

متفائل جداً بكثرة الملتقيات ذات الهدف السامي في نشر الأدب والثقافة بكل أشكاله، وفي محافظة طرطوس هنالك ما يشبه النهضة الثقافية تتجلّى ببرامج تكاد لا تخلو من أيام الأسبوع، كل الشكر والمحبة لداعميها.

*مواقع التواصل الاجتماعي فتحت المجال أمام كثيرين لكتابة قصيدة النثر بشكل خاص ماذا تقول في ذلك؟.

أعترف بأن لها الفضل في نشر ليس فقط قصيدة النثر بل كل الأجناس الأدبية، وإلا لبقيت هذه الأجناس حبيسة الكتب وبعض القرّاء، وبالنسبة للصالح والطالح، الذكي المؤثر يفرض نفسه، في هذه المواقع فُتحت لنا آفاق كثيرة من خلال الملتقيات والنشر ببعض المواقع الإلكترونية التي أجدها تصل للقارئ بشكل أسرع، وليس هناك ضوابط لما ينشر، وأعدّ أن هناك فوضى فيسبوكية، لكن القارئ الجيد يميّز الشاعر المبدع عن غيره.

*ما رأيك بالنقد وهل واجهت النقد؟.

لا أرى أن هناك نقداً بمعنى الكلمة، وما نجده في الساحة الأدبية مجاملات، وأحياناً تكون بطريقة التجريح وهذا يفقد أهمية النقد، نتمنى أن نجد النقد البنّاء الذي يسلّط الضوء على نقاط الضعف وتحليل النص الشعري بشكل يرضي المتلقي والكاتب، فالنقد البنّاء يروي الغراس الغضة، ويجعلها شجرةً من الشعر، والهدام منه يجفّف نسغها ويتركها لمصيرها.

*هل من عراقيل في مسيرتك الأدبية؟.

تأمين أبسط مستلزمات الحياة في بلد محاصر ومستهدف، وبالتالي نحن محكومون بالسباق مع الزمن والوقت على حساب التطور في كل المجالات، وبالنسبة لمشاركاتي في النشاطات الثقافية أعدّ أن هناك عبئاً مادياً قد يمنعني من المشاركة في بعضها.

*ما هي مشاريعك المستقبلية؟.

تحدي الأجناس الأدبية، وامتلاك مفاتيحها، وهي متاحة لكل طموح، حالياً لديّ الكثير في دفاتري الخاصة قصيدة نثر، وهايكو، وقصة قصيرة، وقصيرة جداً.