دراساتصحيفة البعث

قنابل أمريكية ومجازر إسرائيلية

عناية ناصر

قال عضو الكونغرس بيرني ساندرز عبر منصة “إكس”: إن الحكومة الأمريكية بحاجة إلى وقف تمويل حكومة الإرهابي بنيامين نتنياهو، مؤكداً أن هناك آلاف الأطفال يتضوّرون جوعاً في غزة. وقال لشبكة “سي إن إن”: إن الأسلحة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في “مذبحة الطحين” الأخيرة التي راح ضحيتها 112 شخصاً وما يزيد على 700 شخص عبر القناصة والدبابات الإسرائيلية، تم دفعها من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين. وشدّد على أن واشنطن بحاجة إلى وقف تمويل “إسرائيل”.

ويعدّ ساندرز، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية فيرمونت، أحد أشد المنتقدين لموقف الحكومة الأمريكية الداعم لـ”إسرائيل”، وهو ليس الصوت الوحيد في أمريكا.

وكانت واشنطن المموّل والمورّد العسكري الرئيسي في هذه الحرب “الإسرائيلية” الوحشية ضد غزة. ففي بداية الشهر الثالث من الحرب على غزة، قامت الولايات المتحدة بتزويد “إسرائيل” بما قيمته 10 آلاف طن من الأسلحة عبر 200 طائرة شحن. واليوم، وبعد مرور ستة أشهر على الحرب، لا تزال سلسلة التوريد العسكرية قوية مع المزيد من الأسلحة.

حرب أمريكية

يبدو أن معظم القنابل التي أسقطت على غزة هي أمريكية الصنع، وبالإضافة إلى القنابل الخارقة التي تغوص عميقاً في الأرض قبل أن تنفجر وتحوّل غزة إلى مقبرة، سمحت واشنطن لنفسها بأن تكون مشاركاً فاعلاً في هذه الحرب من خلال تزويدها بأنواع مختلفة من القنابل والقذائف كقنابل “مارك 82” وقنابل “مارك 84” والقنابل الغبية وذخائر جو-أرض، بالإضافة إلى آلاف الذخائر.

وفيما يتعلق بالدمار الشامل، قامت “إسرائيل” بإسقاط قنبلتين أو ثلاثة أو حتى أربعة أطنان على غزة. ولم يكن هذا هو الحال على الإطلاق حتى عندما (كانت الولايات المتحدة تقصف معاقل “داعش” في سورية وحتى أفغانستان). وقد تم تحليل الدمار الذي خلفته القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل في برنامج على قناة “سي إن إن”.

من المؤكد أن هذه حرب أمريكية على غزة، فبينما كانوا يزودون “إسرائيل” بالأسلحة من خلال البيت الأبيض ويتجاوزون الكونغرس الأمريكي، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه: إنهم يؤيّدون الوضع الراهن في غزة، ويعارضون طرد الفلسطينيين إلى سيناء المجاورة ويريدون رؤية إحياء لعملية السلام.

لكن ذلك لم يلقَ آذاناً مصغية على الرغم من الاتصالات اليومية بين المسؤولين الأمريكيين و”الإسرائيليين”، حيث تجاهل نتنياهو منذ فترة طويلة مثل هذه التصريحات، حتى إنه قدّم مؤخراً مشروع قانون ضد حل الدولتين أقرّه الكنيست، ما يجعل هذا الاعتراف بحل الدولتين غير قانوني. ويعدّ هذا بمنزلة ازدراء  واستخفاف بالإدارة الأمريكية التي ترفض زيادة الضغط على “إسرائيل” على الرغم من الهجوم الجماعي و”الإبادة الجماعية” التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة، كما وصفتها محكمة العدل الدولية.

تتعامل “إسرائيل” باستخفاف مع الأمريكيين دون إيلاء أي اهتمام بهم أو برغباتهم، وذلك بسبب حقيقة أن بايدن يواصل تأكيد حقيقة أنه “صهيوني” ملتزم ويرفض وقف تدفق الأسلحة إلى “إسرائيل”، بينما يواصل الكونغرس الأمريكي دعم “إسرائيل” بالمساعدات المباشرة والأموال على الرغم من وجود مجموعة كبيرة في الحزب الديمقراطي تنتقد تصرّفات الرئيس الأمريكي.

لا يمكن هزيمة المقاومة

في هذه الأثناء يواصل الرئيس الأمريكي مراقبة الأعمال الإجرامية الهمجية التي تقوم بها قوات الكيان الإسرائيلي ورفض نتنياهو وقف الحرب على غزة وإصراره على القضاء على المقاومة الفلسطينية على حدّ زعمه. ولكن يجب أن يدرك نتنياهو، مثل أي شخص آخر، بما في ذلك الإدارة الأمريكية، أنه لا يستطيع القضاء على المقاومة الفلسطينية بعد ستة أشهر من قصف غزة المتواصل في وضح النهار. وما يفعله الكيان الإسرائيلي الآن هو الاستمرار في قتل المدنيين على الأرض، وهو الرقم الذي يقدّره حالياً بأكثر من 30 ألفاً وأكثر من 70 ألف جريح.

كذلك اكتشف الجنود “الإسرائيليون” أن غزة تشهد سلسلة من المعارك الصعبة، فبدلاً من التركيز في الجنوب، وهو ما وعدوا به في المراحل التي خطّطوا لها، فإنهم غارقون في مناطق تقع تحت الوسط مثل خان يونس ويضطرّون إلى الذهاب والقتال في المناطق الشمالية مثل حي الزيتون في مدينة غزة وجباليا وبيت لاهيا، حيث تبدي المقاومة الفلسطينية مقاومة شرسة وحيث تدمّر الدبابات “الإسرائيلية”، ولا يزال عناصر المقاومة الفلسطينية يخوضون أشد المعارك ويواصلون القتال على الرغم من حقيقة أن السياسيين والعسكريين “الإسرائيليين” يواصلون القول: إنهم يدمّرون “البنية التحتية للمقاومة”. ولكن باعترافهم أيضاً يواصل مقاتلو المقاومة الفلسطينية التقدم والهجوم.

في الوقت نفسه، يستمرّ الأمريكيون في تقديم القنابل والذخائر بشكل مستمر، بينما يتحدّثون عن ضرورة إحلال السلام ويرضون أنفسهم بالقيام بإجراء أول عملية إسقاط مساعدات غذائية أمريكية من الجو على غزة.

وبدلاً من التذمّر من نتنياهو، تستطيع أمريكا أن توقف هذه الحرب بدلاً من الانخراط في هذه الحملة الجديدة لمحاولة إنقاذ غزة من المجاعة التي يفرضها صديقها العزيز وشريكها الاستراتيجي نتنياهو الذي يخشى السجن إذا توقف عن قصف غزة بسبب اتهامات ضده بالفساد.

ويأمل الجميع أن يكون هناك نوع من وقف إطلاق النار قريباً، وإذا لم يقتنع نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، فمن المرجّح أن يستمرّ حمام الدم بسبب الهجوم المتوقع على رفح، ومع تعرّض الأسرى الإسرائيليين المحتجزين للقتل بالقنابل “الإسرائيلية”.