ثقافة

بمناسبة مرور سنتين على تأسيسه نادي شام للقراء يطلق مكتبته التبادلية ويعلن عن مبادرات

من يتابع أنشطة نادي شام لللقراء، والأثر الذي يتركه بين الشباب، يدرك أن احتفاله مؤخراً بمرور سنتين على تأسيسه ليس إلا تأكيداً على نجاحه في تحقيق أهدافه المتمثّلة بترسيخ ثقافة القراءة التي سعى إليها منذ تأسيسه الكترونياً، وأن وسائل التواصل الاجتماعي إن أُحسِن استخدامها يمكن أن يكون لها الأثر الطيب في مجتمعنا بعيداً عما هو آنيّ ووقتيّ. تأسس النادي واستطاع بفضل مصداقيته وجديته نشر ثقافة القراءة والحوار بين أكثر من عشرة آلاف عضو من أعضائه.

حالة ثقافية صحيحة
يؤكد المنسق العام للنادي ميسّر جابرة أن الاحتفال بمرور سنتين على التأسيس هو احتفاء بالجهود التي بُذِلَت من قبل مؤسسه أحمد الطبل وأعضاء النادي، ونجاحهم في تحقيق جزء كبير من الأهداف المتعددة له التي تصبّ في خدمة الفعل الثقافيّ، فكانت البداية من خلال العمل على ترسيخ ثقافة القراءة، جذر الفعل الثقافي، والتوسع تجاه أنشطة ثقافية أخرى متممة ومكملة، لخلق حالة ثقافية صحيحة ترفع من وعي الإنسان السوريّ في ظلّ ظروف صعبة أحوج ما نكون فيها للوعي، وخاصة في أوساط الشباب.

دليل عافية
ولأهمية ما يقوم به النادي وجديته في العمل يثني مدير ثقافة دمشق حمود الموسى على عمله الذي يصبّ في قناة تفعيل العمل الثقافي في سورية، من خلال النشاطات الكثيرة التي يقوم بها، والتي هي جزء من حالة النهوض الثقافي الذي تعيشه سورية رغم الظروف الصعبة، وبالتالي فإن وجود هذا النادي ما هو إلا دليل عافية، ومؤشر على وجود مشاريع ثقافية تصب في بناء الإنسان، مبيّناً أن المديرية على اطلاع على ما يقوم به النادي من نشاطات وفعاليات ذات قيمة، والتي تهدف إلى تعزيز وترسيخ ثقافة القراءة كحاجة أساسية لبناء مجتمع سليم، خاصة أن معظم أعضائه من الشباب الواعي المدرك لهذه الحقيقة، والذين يسعون لنشر ثقافة القراءة بعد أن ابتعد الجميع عن الكتاب، وأضاف “الموسى” أن ساحتنا الثقافية تعاني من وجود بعض التجمعات والملتقيات التي أفرزتها ظروفنا الصعبة، والتي لا تدخل في عمق مشكلاتنا، وبالتالي فإن وجود ناد كنادي شام للقراء أمر لا تخفى أهميته، مؤكداً أن المديرية تعمل على دعمه لتعزيز وترسيخ هذه النوعية من التجمعات والنوادي بهدف الاستمرار من خلال جعل منابر ومراكز المديرية تحت تصرفهم.

مبادرة شبابية تطوعية
وتوضح المنسقة الإعلامية للنادي رهام أبو خميس أن النادي مبادرة شبابية تطوعية تهدف إلى تعزيز ونشر ثقافة القراءة، وما احتفالهم بمرور سنتين على تأسيسه إلا تعزيز للهدف الأساسي الذي يسعى إليه في رفع السوية الفكرية لأبناء المجتمع، مبيّنة أن النادي انتقل إلى مرحلة متقدمة، خاصة أن مستوى الحوارات والنقاشات بين الأعضاء أصبح مبنياً على احترام وتقبّل الرأي الآخر، وقد كان هذا أكبر إنجاز حققه النادي بفضل القراءات الجماعية التي يعلن عنها، سواء عبر الفيسبوك، أو اللقاءات الدورية التي يعقدها.
وتتذكر أبو خميس بدايات النادي، مشيرة إلى أنه بدأ بعدد محدود من الأعضاء، ليتوسع تدريجياً، وهي سعيدة اليوم وقد تخطى النادي جغرافية محافظة دمشق، فأصبح له أعضاء في اللاذقية والسويداء، واليوم تقوم محاولات في ألمانيا لتأسيس تجمّع ثقافي سوري يقوم على الأسس نفسها التي قام عليها النادي، منوّهة إلى أن النادي اليوم يتضمن مبادرات جديدة قيد التنفيذ كمبادرة “صار بدا كتاب” لنشر ثقافة القراءة في وسائل النقل والأماكن العامة، ومبادرة “نقرأ لك”، وهي تقوم على تسجيل الكتب صوتياً لمن لا يرغب في القراءة الورقية، وخدمة لمن يعاني من مشاكل في البصر، ومبادرة “نوى” لتعزيز ونشر القراءة عند الأطفال من عمر 5-15 سنة، بالإضافة إلى مبادرات أخرى سيتم الإعلان عنها في وقتها.

القراءة حاجة أساسية
وتبيّن لبنى الشيخ علي كهاوية للقراءة– وهي من أقدم أعضاء النادي- أنها انتسبت للنادي بعد أن تعرفت عليه أثناء إعدادها لبحث عن مجموعات القراءة، وما لفت نظرها بداية نوعية الأعضاء الذين لا يقرؤون من أجل الاستعراض، بل لقناعتهم وإيمانهم التام بأن القراءة حاجة أساسية، مشيرة إلى أن النادي بدأ كمجموعة صغيرة مكونة من مئة عضو كانوا كعائلة واحدة، وكانت تأتيها إجابات متعددة عن أي سؤال قد يخطر على بالها على صعيد القراءة بأيسر الطرق، ومن خلال التواصل بين الأعضاء عبر الفيسبوك، فأصبحت بدلاً من الدخول إلى صفحتها الشخصية تتجه مباشرة إلى صفحة النادي التي تجد فيها ما يلبي هواياتها في القراءة، ونوعية الكتب التي يمكن أن تقرأها، مستفيدة كذلك من الحوارات والنقاشات التي تدور بين الأعضاء حول كتاب تمّت قراءته من قبل الجميع، وهي حوارات توسّع مَدارك القارئ، وتشكّل إضافة وفائدة أخرى إلى جانب قراءة الكتاب، منوّهة “الشيخ علي” إلى أن النادي وبعد مرحلة اقتصر نشاطه فيها على وسائل التواصل الاجتماعي، انطلق على أرض الواقع عام 2015، حيث كان اللقاء بين الأعضاء لمناقشة الكتب المعروضة للنقاش، لينتقل النادي بذلك من المرحلة الافتراضية إلى المرحلة الواقعية، وقد شكّلت هذه النقلة حافزاً أكبر لها ولأعضائه لمزيد من القراءات من خلال العمل على تبادل الأفكار والمقترحات والرؤى وجهاً لوجه، وتدريجياً انتقل نشاط النادي إلى مجالات أخرى تعنى بالفنون عامة، وكذلك إطلاق مبادرات عديدة بعد أن أصبح أعضاء النادي نحو عشرة آلاف عضو، وقد ساهم هذا العدد الكبير في تغذية النادي بدماء جديدة من الشباب الذين يحملون أفكاراً جديدة، ومبادرات متنوعة، وقد أصبحت أبواب النادي مفتوحة لأي اقتراح يصبّ في مصلحة تفعيل نشاطه، واستمرار مسيرته التنويرية، فاستطاع خلال فترة قصيرة التوسع بنشاطاته.

مكتبة تبادلية مجانية
ولأن الوقت أصبح مناسباً لإطلاقها، تعلن آية إبراهيم، مسؤولة مبادرة مكتبة النادي التبادلية، وضع هذه المكتبة في الخدمة بشكل مجانيّ، موضحة أنه في ظل الظروف الحالية على صعيد ارتفاع أسعار الكتب بات من الضروريّ وضع المكتبة في الخدمة، مؤكدة أن فكرة المكتبة الورقية كانت مطروحة منذ بداية تأسيس النادي، وقد أصبح من المناسب اليوم إطلاقها بعد أن استطاع النادي إعدادها بفضل الإهداءات التي قدمها البعض، والتي شكّلت نواة لمكتبة تقدم خدماتها، مشيرة إلى الفنان الراحل عصام عبه جي الذي كان قد أهدى النادي مكتبته الشخصية، في حين اشترى السيد أمجد القاسم مجموعة من الكتب لها، بالإضافة إلى ما قدمته السيدة سحر سيروان من كتب ذات قيمة للمساهمة في تأسيس المكتبة، وهكذا فإن المكتبة ستنطلق بداية بأربعمئة كتاب خصصها النادي من أجل أن يستطيع أيّ فرد استعارتها مجاناً، مقابل تقديمه للمكتبة كتاباً واحداً، منوّهة “إبراهيم” إلى أن المكتبة تضمّ مجموعة قيّمة ونادرة من الكتب غير الموجودة في السوق والتي قد يحتاجها القارئ.

تجاوب مختلف
لا يخفي منسق فريق الأنشطة في النادي عبد الرحمن الدللي أن التجاوب مع أنشطة النادي يبدو مختلفاً بين مكان وآخر، ولكن بالعموم هو راض عن تجاوب بعض أصحاب الأمكنة لاستقبال أنشطة النادي الذي لا مقر له، مؤكداً أن نجاح النادي وأهمية نشاطاته ساهما كثيراً في خلق نوع من الثقة بضرورة دعمه ومتابعة أعماله، مبيّناً أن إيمانه بما يقوم به النادي هو الذي جعله ينضمّ إلى فريق التنظيم فيه انطلاقاً من قناعته بدور كل عضو فيه في دفع مسيرته للأمام.

مهمة ليست سهلة
وتؤكد الفنانة التشكيلية وفاء الحافظ – وهي من أعضاء النادي- أن الحياة الثقافية بصورة عامة تعتمد على القراءة بالدرجة الأولى، لأنها تنمي الحسّ الإبداعيّ، فالكاتب لا يمكن أن يكون كاتباً دون أن يمتلك مخزوناً كبيراً من القراءة المتعددة، فالقراءة توسع المدارك، ومن خلالها نمتلك القدرة على التعبير عما نريد، وهذا ما يحاول النادي تعزيزه لدى أعضائه، وينبغي على الجميع تسليط الضوء على النادي، وإظهاره بالمظهر اللائق الذي يتناسب وحجم المهمة الملقاة على عاتقه.
أمينة عباس