ثقافة

بعد تسلمه لإدارة ثقافة دمشق حمود الموسى يعلن عبر “البعث”: إطلاق خمسة ملتقيات وجائزتي قباني للشعر وحورانية للقصة

لا يختلف اثنان على الدور الكبير الذي لعبه الأديب حمود الموسى في تحريك المياه الراكدة في الساحة الثقافية في مدينته الرقة في مرحلة سابقة، وقد تردد صداه على المستوى المحلي والعربي.. أما اليوم وحين أجبرته الظروف على القدوم لدمشق لم يتخلَّ عن ما يمتلكه من حماس واندفاع والكثير من الطموحات والرؤى التي يعمل على تحقيقها بعد استلامه منذ شهرين لإدارة ثقافة دمشق، متحدثاً في حواره مع “البعث” بجرأة وواضعاً اليد على الجرح.

رؤية مغايرة
يؤكد الموسى أن لديه رؤية جديدة في العمل الثقافي مغايرة لما سبق، خاصة في إطار البرمجة والخطط الثقافية في مديرية الثقافة، وانطلاقاً من تجربته في العمل الثقافي لا يتوانى عن القول أن برامج ثقافية سابقة لم تكن مدروسة بشكل جيد، مبيناً أن كلامه هذا لا يُعد انتقاصاً من الآخرين لأنه من الطبيعي برأيه أن يكون لكل واحد رؤيته وتجربته ووجهة نظره في إدارة العمل الثقافي، وبالتالي ومن وجهة نظره في إدارة العمل الثقافي أن رؤى ثقافية اعتمدت لم تكن تخدم الحالة الثقافية عبر بعض ما كان يُقدَّم على المنابر، ويحزنه أن أبواباً كانت مفتوحة فقط لمن يقرعها، وهذا برأيه لا يشكل حالة ثقافية، وقد كان من المفترض البحث عن أصحاب المشاريع الثقافية الحقيقية، والعمل على تمكينها وتمتينها بدلاً من انتظار من يعرض خدماته لإقامة نشاطات ثقافية، فهذه الطريقة وحسب تجربة الموسى لا تؤسس لفعل ثقافي لأنها شكل من أشكال التعاطي الثقافي الذي لا يؤصل لمشروع ثقافي حقيقي، لأن النتاج سيكون عبارة عن أعمال سطحية آنية ينتهي تأثيرها مباشرة.

مشروع ثقافي
ويوضح الموسى أن مهمة مراكزنا الثقافية يجب أن تكون التواصل المباشر مع المبدعين في جميع المجالات والبحث عنهم ودعوتهم، شرط أن تكون الموضوعات المطروحة ضمن خطة لإنجاز مشروع ثقافي يتم التخطيط له بوعي وتصميم وجدية لا العمل بشكل ارتجالي، ويأسف الموسى لأن البعض يسلك هذا المسلك من حيث التعاطي مع الحالة الثقافية وهي حالة تم اعتمادها منذ سنوات، وكان الأجدى تأصيل الفعل الثقافي ومأسسته.. من هنا يجب أن يكون للمعنيين بالفعاليات الثقافية برأيه آفاق أخرى مختلفة عن الحالة التي كانت سائدة، ولذلك وجهت مديرية الثقافة دعوة لكل رؤساء المراكز لوضعهم في صورة الأداء الثقافي، الذي ينبغي أن يساهم في بناء الثقافة الجادة التي تضع في أولوياتها تنمية المواهب الشابة الموجودة والإسهام في المشاريع الثقافية الجادة، ولذلك اضطر الموسى لأن يكون على علاقة مباشرة مع كل برامج المديرية ويأتي في مقدمتها إطلاق المديرية لبرنامج جديد لمراكزها يبدأ من اليوم الخميس، ومن المفترض أن تتجلى فيه رؤية المديرية الجديدة.. من هنا يتمنى الموسى على كل مدراء المراكز أن يطوروا أساليب اختيار المواضيع الهامة والضرورية، مشيراً إلى أن المديرية قدمت برنامجاً مدروساً من حيث العناوين والأفكار والرؤى، موضحاً أن هذا البرنامج ليس عملاً فردياً يتعلق بشخصه، إنما هو عمل جماعي شارك فيه زملاء وأصدقاء ومبدعون في العمل الثقافي، وكانت نتيجته إطلاق خمسة ملتقيات ثقافية: موسيقية يديرها الكاتب أحمد بوبس وفكرية يديرها هاني الخوري وسردية يديرها د.عاطف البطرس وشعرية ونقدية يديرها الشاعر صقر عليشي وتشكيلية يديرها الزميل أكسم طلاع وهي ملتقيات ستكون شهرية سيعلَن عن إطلاقها بشكل رسمي وبرعاية وزارة الثقافة في 19/12، بالإضافة إلى إطلاق جائزتين جديدتين هما: جائزة نزار قباني للشعراء الشباب دون عمر الـ 35 وجائزة سعيد حورانية للقصة، مؤكداً الموسى أن هاتين الجائزتين ستكونان تقليداً سنوياً في مراكزنا الثقافية، وسيُمنَح الفائزون الثلاثة الأوائل مبالغ مالية، كما ستُطبَع الأعمال الفائزة من قِبل الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن سلسلة نزار قباني للشعر وسعيد حورانية للقصة ضمن شروط موضوعة ومدروسة بشكل جيد، منوهاً إلى أنه كان من المفترض أيضاً وضمن الشهر 12عقد ندوة على المستوى العربي تحت عنوان “نحو مشروع نهوض عربي معاصر” لكن ولزحمة الأنشطة الثقافي تم إرجاؤها إلى العام القادم.

تجربة لأول مرة
أما الملتقيات التي ستنطلق في 19/12 فستكون بدايةً مع ملتقى الفن التشكيلي الذي سيتضمن افتتاح معرض للفنانين التشكيليين السوريين وعقد ندوة تحمل عنوان “الدور الأكاديمي في الفن التشكيلي السوري.. آراء مختلفة” يشارك فيها علي السرميني وأنور الرحبي، يتبعه ملتقى الموسيقا الذي سيتضمن إقامة حفل فني يحييه الفنانون عصمت رشيد ونهى عيسى وعازف الكمان هادي بقدونس وعازف البزق رامي حاج حسن، وذلك ضمن إطار تخت دمشق الموسيقي بإشراف بديع بغدادي لتتتالى بعد ذلك الملتقيات الأخرى.
ويعتقد الموسى أنه ومن خلال هذه البرامج الجديدة التي اعتمدتها مديرية ثقافة دمشق ستتولد لدى الجميع رؤية جديدة للمديرية وعملها، فالهدف من كل الملتقيات الشهرية ترسيخ الحالة التشاركية مع المجتمع الأهلي من خلال المبدعين الذين يشكلون حالة أهلية إبداعية كلٌّ في اختصاصه لإفساح المجال أمام المبدعين الحقيقيين للمشاركة في التخطيط والبرمجة، وحتى لا تحجم مراكزنا عن هؤلاء لأن ابتعادهم عنها كان سبباً أساسياً في غياب الجمهور عنها، مؤكداً أن تجربة الملتقيات تجربة جديدة تحدث لأول مرة، ويأمل للقائمين عليها النجاح لأن الهدف منها في النهاية نشر ثقافة واعية وبنّاءة، والتواصل مع الناس وردم الفجوات التي حدثت سابقاً من خلال طرق سهلة وسلسة، لتتحول مراكزنا الثقافية إلى بيوت ثقافة بعيداً عن الشكل الرسمي لها ليأتيها كل مواطن بشغف ومحبة وارتياح، موضحاً أن ما يقدمه كل مركز من أنشطة هامة هي المحرض الأساسي لارتياده أو الإحجام عنه، فبمقدار ما تلبي هذه المراكز ذائقته واحتياجاته يتحدد حجم حضوره، وبالتالي فغياب الجمهور عن مراكزنا تتحمل مسؤوليته هي، ولا ينسى الموسى في كلامه الإشارة إلى تجربة المراكز الثقافية الناجحة والرائدة على صعيد التوجه للطفل، حيث يوضح أن كل المراكز بنت علاقة جيدة مع الطفل وأسرته عبر سلسلة من البرامج التي اعتادت على تقديمها، وفي مقدمتها النوادي المقامة على مدار العام والتي أثبتت نجاحها وقدرتها على استقطاب الأطفال وأُسرهم من خلال تنمية مواهبهم في جميع المجالات والتعريف بها وإطلاقها من على منابر المراكز الثقافية، شاكراً الموسى المثقفين المشرفين على هذه الأنشطة، والذين يعملون بشكل تطوعي مع الأطفال، مذكِّراً كذلك بتجربة المراكز في نوادي الشباب كالنادي الذي يشرف عليه د.راتب سكر ومنتدى الشباب الذي يشرف عليه د.غسان غنيم والتي أثبتت نجاحها في استقطاب الشباب، مؤكداً أن المديرية بصدد تكريس هذه التجارب وتشجيع واحتضان تجارب أخرى أهلية مثل نشاط نادي شام للقراء، الذي يقوم بدور كبير في بناء علاقة جيدة بين جيل الشباب والقراءة والكتاب.
أمينة عباس