ثقافة

حتى في أسرارها.. مي تبعث على الصدمة!

لم يكن صالون مي زيادة الأدبي وحياتها الأدبية فقط ما تم تسليط الضوء عليه من خلال دراسات أدبية متعددة، بل إن حياتها الخاصة وضعت كذلك تحت المجهر من قبل عدة باحثين، غاصوا في عوالمها السرية وأظهروها للعلن، ولذلك فإن ما تناولته محاضرة “مي زيادة وأسرار غير متداولة” التي ألقاها د. حسين عمر حمادة في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، نوهت إلى مجموعة من المعلومات التي قد تكون صادمة ومفاجئة وغائبة عن الكثيرين، والتي أثارت مجموعة من التساؤلات بالإضافة إلى علامات التعجب والاستغراب لدى الحضور، فما هي حقيقة الجانب المظلم من حياة مي، وما هي حقيقة تلك المعلومات؟.
بواعث الشهرة
بدأ د.حمادة حديثه عن نشأة مي زيادة، فهي ذات نشأة فلسطينية وأصول لبنانية وآفاق مصرية، متناولاً بواعث شهرة مي من خلال القول أنه لا يكاد يطبع أثر أدبي لها حتى تظهر دراسات عنه، حيث تم تخليدها بذكر الرجال الكثيرين الذين أحاطوا بها، أو أحاطت بهم لأسباب قد يكون بعضهم مات وهو جاهل لها أو غافل عن أبعادها، ذاكراً عدداً كبيراً لا يستهان به من زوار مي في صالونها الأدبي متسائلاً عما إذا كانت تلك الزيارات تقتصر على الصالون أم تستمر بعدها ومحاولاً  الإجابة على هذا التساؤل.

الصالون الأدبي
ويذكر حمادة أن صالون مي الأدبي استمر أعواماً وكان يقام كل يوم ثلاثاء بإدارة إسماعيل صبري باشا واستمر حتى أواخر سنة 1926، كما قارن بينه وبين صالون الأميرة نازلي الذي كان يستقبل كبار المصريين والأوربيين، وكانت أحاديثه تتصل بالمسائل السياسية والإصلاح الاجتماعي والديني، لكنه كان أرستقراطياً وضيقاً ومغلقاً لا يصل إليه إلا الذين ارتقت حياتهم الاجتماعية إلى مقام ممتاز، على عكس صالون مي الذي كان ديمقراطياً مفتوحاً والذين يقصدونه كانوا متفاوتين تفاوتاً شديداً فمنهم المصريين والسوريين والأوربيين على اختلاف شعوبهم وكان منهم الرجال والنساء.
ثم انتقل حمادة للحديث عما أسماه “الجانب المظلم من حياة مي” فيقول: لقد غطى صالون مي على نشاطات نساء رائدات في وقتها كعائشة التيمورية، وردة اليازجي، وماري عجمي وغيرها، وقد يقال أن لزيادة خصوصية متميزة عنهم جميعاً ومع إقرارنا بسماتها ومناقبها، إلا أننا نتساءل لو أن ذات الإمكانيات تهيأت لسواها فهل سينتهي المطاف إلى ما وصلت إليه مي من هذه الشهرة الأدبية، ولو لم تكن الهياكل الماسونية وراءها، وهي فقط التي جعلت من ماري زيادة، مياً وزيادة، لافتاً إلى أنه  لجأ  إلى استخدام منهج تحليل المضمون ومتغير الماسونية لكشف بعض غوامض سيرة مي وسبر أغوار حياتها، وأضاف أنه من خلال تتبع تاريخ المحافل الماسونية في مصر سنجد تأثيراً كبيراً لها على مي.

رسائل مي
أيضاً تطرق حمادة إلى شغف سلمى الحفار الكزبري بآثار مي الأدبية، والتي حصلت عليها وقامت بنشر مجموعة هامة من رسائل مي المخطوطة التي لم تنشر من قبل، والتي تكشف حقيقة الاتصالات واللقاءات والقضايا الخاصة والعامة التي شُغلت بها زيادة، إضافة إلى اهتمامات المعجبين بها وتهافت المحبين عليها، لكن مي -كما ذكر حمادة- كانت في شغل شاغل عنهم خدمةُ للقضية التي كرست كل حياتها المستقرة الواعية لها، ونوه إلى علاقاتها مع القناصل الأوربية وشغفها بالعالمية، وقرأ على الحضور بعض الرسائل المتبادلة بين مي والمستشرقين.

نهاية الأحزان
وختم حمادة محاضرته بما راود  مي  في آخر أيامها، حيث فرضت على نفسها العزلة والوحدة وأعرضت عن لقاء الأصدقاء، وتقاذفتها النوبات النفسية والعصبية، وظلت في ذبول حتى غابت شمسها وانتهت أحزانها إلى غير رجعة في عام 1941، وقد وصف جميع ما قدمه عن  مي الشاعرة والموسيقية والأديبة الكاتبة التي تتقن تسع لغات بأنه صورة خاطفة من ملامح صورتها الشرقية ومحنتها النفسية حتى وفاتها، ودور صالونها الأدبي وأحاديث عن مي المستهام بها وكذلك الراثين لها.
ثم تلا المحاضرة مجموعة مداخلات استهجن بعضها تناول حياة مي الخاصة ونشرها للعلن، لكن د.حمادة برر ذلك بأن كل ما يتعلق بمي زيادة يعتبر شأناً عاماً وليس خاصاً، وأكد أن جميع المعلومات التي أوردها في أوراقه موثقة ومسندة إلى مراجع منشورة ويمكن الرجوع إليها والتحقق من صحتها.
لوردا فوزي