تحقيقاتصحيفة البعث

الثانوية الزراعية في سلمية على أبواب المئة عام..عراقة وتقدم

 

تجلى التعليم في المهن الزراعية في أقدم وأول ثانوية زراعية في الوطن العربي هي الثانوية الزراعية في سلمية التي تأسست في عام 1910 من أجل تدعيم النهضة الزراعية في المنطقة، والدول المجاورة كالعراق، وفلسطين، والأردن، ولبنان، حيث استقطبت الثانوية طلاباً من هذه الدول، ليتخرج منها الكثيرون الذين ساهموا في هذه النهضة آنذاك، ووصل البعض منهم لمواقع هامة في مجالات متعددة سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وفكرية في بلدانهم.
شهدت هذه الثانوية عدة تحولات، أهمها قرار إغلاقها في عام 1930، وفي عام 1933 أحدث فيها صف لدار المعلمين الريفية، وكانت تتبع لوزارة المعارف حتى عام 1937، حيث تحولت بعدها إلى محطة تابعة لمصلحة “سفاد” للخيول العربية، واحتلت أبنيتها من قبل القوات العسكرية الفرنسية آنذاك، واستمر وضعها حتى عام 1943، حيث أعيد افتتاحها بموجب المرسوم رقم 101 تاريخ 9-10-1943، وفي عام 1947 أصبحت مدرسة متوسطة بموجب مرسوم جمهوري.
بعد البحث في ذاكرة هذه الثانوية العريقة اتضح أن أسماء كبيرة كانت قد درست فيها بدءاً من الرئيس السوري السابق أديب الشيشكلي، وصولاً للأديب والمسرحي والشاعر الكبير محمد الماغوط ابن السلمية، والشاعر أحمد الجندي، ووزير الزراعة السابق أحمد قبلان، وكل هؤلاء الكبار غيّبهم الموت.
الثانوية الزراعية في مدينة السلمية مازالت تنبض بالحياة، وتخرّج أجيالاً محصنين بالعلوم الزراعية، وخاصة أنها احتضنت كلية الزراعة التابعة لجامعة حماة، إلى جانب شقيقتها كلية الهندسة المعمارية، وللثانوية شقان نباتي وحيواني، الأول مساحته 1000 دونم تم تخصيصه لحقول صغيرة زرعت بأشجار حراجية من الصنوبر، والأكاسيا، والفستق الحلبي، بينما تمثّل الشق الحيواني بإنشاء حظائر للحيوانات كالأبقار، والخيول، والطيور، والدواجن.
يذكر أن الثانوية تضم أبنية قديمة من الحجر البازلتي الأسود، والمسقوفة بالخشب والآجر، تستخدم بطابقين كمكاتب إدارية، وثماني غرف في الطابق العلوي كمكان لإقامة المدرّسين والموظفين المقيمين، وثلاثة طوابق لسكن الطلاب، وهناك مطبخ ومطعم يستقبل حوالي 500 شخص، ويتسع البناء لحوالي 500 طالب، ومستودعات، وصيدلية، ومخابر النبات والحيوان والكيمياء، ولن ننسى المسرح الذي يحتوي على 500 كرسي، وخشبة كبيرة، وهو الذي استقطب العديد من المهرجانات المسرحية الطلابية وغيرها، كما كان مكاناً مميزاً للحفلات الفنية والغنائية في الكثير من المناسبات الوطنية، ليس في محافظة حماة فحسب، بل في سورية من القرن الماضي، ولفنانين عرب وسوريين، وفي شهر تشرين الثاني القادم ستقيم الثانوية احتفالية كبيرة بمناسبة مرور 100 عام على إحداثها.
نزار جمول