اقتصادصحيفة البعث

ما هو الدولار الرقمي الذي سيشكل حرباً قد تنهي عصر المؤسسات المالية التقليدية؟

على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال على بُعدِ بضع سنوات من تطوير العملات الرقمية الخاصة به، إلا أن البنوك الأمريكية تجد في هذه العملة حرباً على النظام المالي التقليدي، وفقاً لتقرير لوكالة CNBC، حيث تجتذب الأموال الرقمية اهتماماً دولياً قوياً، باعتبارها مستقبلاً مغايراً لمجتمع غير نقدي، وأكثر هذه الدول التي أبدت استعدادها دولة اقتصادية عظمى مثل الصين، وغيرها من الدول مثل جزر الباهاماز. فما هو الدولار الرقمي؟ وما قصة خوف البنوك الكبرى منه؟.

يشبه الدولار الرقمي العملات المشفرة مثل البيتكوين أو الإيثريوم في بعض النواحي المحدودة، ولكنه يختلف في نواحٍ مهمّة، حيث إنه وبدلاً من أن يكون الدولار الرقمي أصلاً قابلاً للتداول بأسعار متقلبة بشكل كبير واستخدام محدود، فإن العملة الرقمية للفيدرالي الأمريكي ستعمل مثل الدولار وتحظى بقبول واسع النطاق، كما سيتمّ تنظيمها بالكامل تحت سلطة مركزية ورقابة عاليتين. إلا أنه لا تزال هناك أسئلة لا تُعدّ ولا تُحصى، حول آلية الفيدرالي واستراتيجيته الكاملة في التعامل مع مثل هذه العملة.
في هذا الإطار قال شيتان أهيا، كبير الاقتصاديين في مورجان ستانلي، في تقرير للعملاء: “إن الخطوة الرئيسية لإدخال عملات رقمية للبنك المركزي (CBDCs) يمكن أن تؤدي في الواقع إلى تعطيل النظام المالي”. وأضاف: “تكتسب جهود البنوك المركزية في دخول العملات الرقمية زخماً، حيث يستكشف ما يصل إلى 86٪ من البنوك المركزية في العالم العملات الرقمية”.

كما أشار استطلاع عام 2020 من بنك التسويات الدولية إلى أن كل بنك مركزي في العالم تقريباً قام ببعض الأعمال على هذه العملات الرقمية. ويعمل نحو 60٪ على اختبار العملة، فيما أطلق 14٪ فقط من الدول برنامجاً تجريبياً أو قيد التطوير للعملات الرقمية بالفعل، وعلى الرغم من المخاوف حول مستقبل النظام المالي في ظل الدولار الرقمي، إلا أن هناك من يتحدث عن مزاياه، مثل: منح الأشخاص الذين لا يتعاملون مع البنوك إمكانية الوصول إلى النظام المالي.
وقالت كريستالينا جورجيفا، العضو المنتدب في صندوق النقد الدولي: “إن الأشكال الجديدة من النقود الرقمية يمكن أن توفر دفعة موازية لشريان الحياة الحيوي الذي توفره التحويلات للفقراء والاقتصادات النامية”. ولكنها أشارت إلى مخاطر الدولار الرقمي في حالة طرحه من دون دراسة كافية، ومن أهم هذه المخاطر:

– التخلف عن ركب هذه التكنولوجيا والحرمان منها وزيادة بؤس حياة الفقراء.

– خسارة المؤسسات المالية التقليدية من الاعتماد الرسمي للعملات الرقمية، سواء في الخدمات المصرفية التقليدية أو التكنولوجيا المالية.
– فقدان المؤسسات المالية أيضاً للودائع، بسبب قيام الأشخاص بوضع أموالهم في حسابات البنك المركزي كداعم للمحافظ الرقمية. وهناك أيضاً مخاوف تتعلق بالخصوصية ومخاوف بشأن التكامل.

إلى ذلك تترقب بنوك الوول ستريت طرح الدولار الرقمي بحذر شديد، حيث قالت مجموعة Citigroup في تقرير لها: “السباق نحو النقود الرقمية مستمر”. وأضافت: “يراها البعض حرب عملات باردة، إلا أننا نراها حقيقة واقعة، ولابد من مراقبتها بشكل حثيث”. كما ينظر البعض إلى أن أسبقية الصين في إطلاق عملتها سيعمل على تقويض مكانة الدولار كعملة احتياطية في العالم. إلا أن الصين قالت إن هذا ليس هدفها، ولكن تقرير بنك “أوف أمريكا” أشار إلى أن إصدار العملات الرقمية من شأنه أن يؤثر على العملة الأمريكية وعلى قدرتها التنافسية مقارنة بالعملات الأخرى. حيث كتبت آنا زو الخبيرة الاقتصادية في بنك أوف أمريكا: “تقدّم عملات البنوك المركزية الرقمية فوائد تحسين المعاملات النقدية، بغض النظر عن الآثار الجانبية السلبية للعملات المشفرة”. كما يعمل بنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً على مشروع مشترك مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتقييم فعالية الدولار الرقمي، على الرغم من عدم وجود جدول زمني محدّد لهذا المشروع. حيث يمكن معرفة أن الفيدرالي الأمريكي لا يمتلك وقتاً محدداً لإطلاق الدولار، وذلك حينما قال رئيسه جيروم باول: “ندرس مشروع الدولار الرقمي من كل الجوانب والاعتبارات السياسية والاقتصادية”. بينما حذّر جريج باير، الرئيس التنفيذي لإحدى المجموعات الضاغطة في مجال الصناعة المصرفية من الدولار الرقمي، وقال: “سيقلص الدولار الرقمي من دور المؤسسات المالية، وهذا سيؤثر على النمو الاقتصادي بشكل كبير”.

ويمضي البنك المركزي الأوروبي قدماً في مشروع “بريتكوين” على الرغم من أنه قال إنه سيكون مجرد قناة للبنوك، والتي ستعمل كوسطاء لحسابات العملات الرقمية. حيث قال جيريمي تومسون كوك، كبير الاقتصاديين في شركة Equals Money المتخصّصة في مدفوعات الأعمال الدولية: “سيسيطر قطاع التكنولوجيا على نظام المعاملات المالية للشركات، وهذا يعني تراجعاً لنظام النقد التقليدي”، إلا أنه وعلى الرغم من خطط الصين وتحركات الجانب الأوروبي، فإن السلطات الأمريكية مصمّمة على أخذ وقتها. حيث أكد جيروم باول ضرورة عدم التصرف دون الرجوع للسلطات كافة والتشاور معها. بينما أكدت آهيا من مورجان ستانلي على ربط قبول العملات الرقمية عالمياً بفرص الابتكار واتساع نطاق تعطيل النظام المالي التقليدي.
(وكالات)