مجلة البعث الأسبوعية

الدوري الكروي الممتاز بين السالب والموجب.. ملاعب متصحرة وروزنامة متعثرة ومراقبة تحتاج إلى الكثير من الضوابط

البعث الأسبوعية – ناصر النجار

انتهى الدوري الكروي الممتاز وأسدل الستار على موسم ساخن حافل بالكثير من الأحداث، رغم أن الدوري بمجمله كان سلبياً في ناحية وإيجابياً في ناحية أخرى.

الإيجابيات كثيرة وهناك الكثير من الأشياء التي يمكن الوقوف عندها لمراجعتها وتعزيزها والبناء عليها ليكون الموسم القادم أفضل وأقوى.

من الإيجابيات التي يمكن ذكرها أن اتحاد كرة القدم فتح باب الانتقالات الشتوية لجميع الأندية في خطوة مهمة غايتها تعويض النقص في الفرق في حال سفر أحد اللاعبين أو إصابتهم كما حدث مع فريق أهلي حلب الذي خسر أفضل ثلاثة لاعبين في مرحلة الذهاب أولهم المهاجم النيجيري أوكيكي ومحمد كامل كواية ومحمد ريحانية، والغاية الأخرى تقوية مراكز بعض الفرق باللاعبين الجدد سواء كان ذلك يخدم المنافسة على اللقب أو المنافسة على الهروب من الهبوط، والباب كان مشرعاً لاستقدام لاعبين محليين أو محترفين في الخارج أو لاعبين عرب وأجانب.

من إيجابيات هذه الخطوة أن هناك لاعبين وجدوا مكاناً لهم في بعض الفرق بعد أن كانوا على مقاعد الانتظار في الذهاب كالحارس إبراهيم عالمة.

أما سلبيات الدوري فهي متعددة وهناك أكثر من جهة تتحمل مسؤولية هذه السلبيات.

مسؤولية الملاعب

هناك إجماع على أن الملاعب الكروية في أسوأ حالاتها ولا يمكن أن تلبي متطلبات الكرة الحديثة، لذلك فإن أغلب المباريات كانت ضعيفة المستوى لأن أرضية الملعب لا تساعد اللاعبين على تقديم مهاراتهم الفنية، وفي هذا الموضوع كلام كثير يصل إلى مبادئ تعليم كرة القدم وأساسياتها للصغار ستكون منقوصة لعدم صلاحية الملاعب، والمسؤول عن جاهزية الملاعب هو الاتحاد الرياضي العام وحتى لا نظلم أجداً فإن المنشآت الرياضية برمتها باتت تحتاج إلى تحرك يفوق مستوى الاتحاد الرياضي العام، سواء التحرك هذا يتجه نحو الحكومة أو نحو الموارد الخارجية سواء من الفيفا، أو من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، المشكلة هنا تكمن في التحرك وصوابيته وإيجاد الحلول والمقترحات المجدية حتى يتم إقناع الجهات الأخرى بما يلزم ملاعبنا.

والتحرك عندما يكون على خطوات يبدو أنه إيجابي، ونحن هنا نذكر أنه قبل أكثر من عامين تم الكشف على الملاعب ووضعت الكلفة التقديرية لتجهيز كل ملعب، لكن بقي كل ذلك على الورق، ولو أنه تم تنفيذ شيء منها لوجدنا الآن ملعبين على الأقل جاهزين تماماً لكن البطء وبيروقراطية عمل المكاتب جعلت الحصيلة صفراً، بل إنها رفعت التكاليف لأكثر من ضعفين مع ارتفاع الأسعار وهي حقيقة يعلمها الجميع.

الأسوأ في الموضوع أنه لا يوجد أي تحرك على أي صعيد وعلينا تقبل الملاعب كما هي عليه ولا بأس بالصيانة الدورية التي باتت غير فاعلة وهي باب من أبواب هدر المال العام.

والمشكلة الأهم تكمن بالملاعب الصناعية التي تتحمل الجزء الأكبر من النشاط الكروي فتستضيف بعض مباريات الدرجة الممتازة وكل مباريات الدوريات الأخرى والفئات العمرية وهذه الملاعب تحتاج إلى حل جذري وسريع قبل فوات الآوان فأغلبها اليوم بات بوضع لا يحسد عليه وأرضيتها صارت مؤذية وغير صالحة ونخشى يوماً ما ألا نجد ملاعب صالحة فتتعطل النشاطات الكروية وتتوقف الدوريات.

اللجان التنفيذية في المحافظات مسؤولة عن مستلزمات الملاعب وعن جاهزيتها وملحقاتها ومرافقها الصحية، ففي الكثير من الملاعب على سبيل المثال شباك المرمى مهترئة وهي أبسط ما يمكن الحديث عنه في هذا الشأن، ونلاحظ هنا ان الجميع غير مهتم وغير مبال بالملاعب وهذا الأمر يزيدها سوءاً على سوء.

أما ملاعب الأندية فهي غير نظامية بالمطلق ووضعها ليس بأفضل من غيرها من الملاعب إضافة إلى أنها مع الملاعب المكشوفة مؤجرة على مدار الساعة، وأفضل هذه الملاعب ملعب نادي المحافظة وقد وجدنا أن التصحر بدأ يغزوه وبفترة قليلة سينضم إلى غيره من الملاعب غير الصالحة.

اتحاد اللعبة

اتحاد الكرة لا يسأل عن أمور الدوري الفنية وجاهزية الفرق البدنية، ومسؤوليته في الموسم تنحصر في أمور إدارية بحتة.

أول هذه الأمور تنظيم الدوري، ونجد أن روزنامة الدوري غير مطبقة حرفياً ومواعيدها غير ثابتة وغير مقدسة، طبعاً هناك أمور خارج السيطرة وقد تربك هذه الروزنامة كما حدث جراء الزلزال وكما حدث سابقاً بجائحة كورونا.

المسابقات الرسمية بحاجة إلى تنظيم أكثر من ذي قبل، والاهتمام بمسابقة كأس الجمهورية، لذلك يتساءل المراقبون عن سبب تأخير البدء بمسابقة كأس الجمهورية، ولو أنها تبدأ مع مطلع الموسم لما وجدنا الحرج الذي يقع به المنظمون، فالموسم الماضي أنهيت مسابقة كأس الجمهورية في الشهر التاسع قبل انطلاق الدوري، وهذا الموسم يبحث اتحاد كرة القدم عن موعد لينهي المسابقة بأقرب وقت وقد لا تنتهي إلا مع نهاية الشهر السابع!

كل دول العالم روزنامة النشاط الكروي فيها دقيقة وضمن مواعيد معروفة، والأمر بات أسهل من قبل مع معرفة النشاطات الدولية والآسيوية والعربية بشكل مسبق، وعلى سبيل المثال فإن منتخبنا سيشارك بالنهائيات الآسيوية وموعدها سيكون في منتصف الموسم المقبل وهذا يفرض على اتحاد كرة القدم أن يكون قد أنهى مرحلة الذهاب والأدوار الأولى من كأس الجمهورية، وكذلك مباريات بقية الدوريات والفئات، لذلك فإن سلبية فوضى المواعيد والتأجيلات يجب أن تكون ضمن المعيار الأول في اهتمام اتحاد كرة القدم للموسم الجديد، لن نقول أن اتحاد الكرة سيقضي على هذه السلبية تماماً، لكننا نأمل أن تكون أفضل من سابقاتها لتتمكن الفرق من تنفيذ برامج الاستعداد براحة تامة إضافة إلى برامجها الفنية والبدنية أثناء المسابقة.

من الأمور التي يسأل عنها اتحاد كرة القدم موضوع المراقبة، فمراقبة المباريات يجب أن تأخذ دوراً أكبر مما هي عليه الآن، والمراقبون أنواع، منهم الجاهلون الذين لا يعرفون مهامهم وغير مطلعين على القوانين واللوائح، ومنهم مراقبون يحضرون المباريات من أجل التصوير (والمنظرة) وقبض أجرة المباريات وعمله يقوم على مبدأ (شاهد ماشفش حاجة) والقلة من المراقبين مجتهدون ويعملون بإخلاص.

موضوع المراقبة أمر حيوي لأنه يسهم بضبط المباريات وتكريس مبادئ العدالة والنزاهة بين الفرق، وهناك الكثير من الفرق فلتت من العقاب لأن مراقب المباراة لم يؤد مهامه كما يجب.

المفترض باتحاد كرة القدم إقامة المزيد من الدورات للمراقبين واطلاعهم على القوانين واللوائح وأهمها لائحة الإجراءات الانضباطية والأخلاق حتى يعرف المراقب مهامه وطبيعة عمله، وبالمقابل يجب إبعاد المراقبين المهملين لواجبهم، فموضوع المراقبة ليس جمعية خيرية، ولا هي مصدر رزق للأحباب والمقربين.

أما موضوع التحكيم فهو الحلقة الأكبر التي تحتاج إلى العمل والجهد والمراقبة والتطوير والرعاية، نحن لا ننكر أن لدينا حكاماً جيدين لكننا نعترف أن بعضهم تنقصه الشجاعة في اتخاذ القرار، وأن بعضهم يميلون بعواطفهم تجاه هذا وذاك، وهذه هي المشكلة الأكبر، إصلاح التحكيم بحاجة إلى أمور عديدة يجب توفرها، أولها أن تقام دورات للحكام لتكريس الأخلاق والنزاهة وكيفية تحقيق العدالة ودورات أخرى فنية وبدنية.

مهمة التحكيم شائكة جداً وهي بحاجة إلى قرار استراتيجي ولا نظن أن الأمر سهل وبسيط، ومن المفترض باتحاد كرة القدم التعاقد مع خبراء التحكيم من الخارج كما يتعاقد مع مدربي المنتخبات الوطنية. المشكلة الحقيقية أن لدينا خبراء جيدون لكنه يميلون كما شاءت الأهواء، وكما نلاحظ هناك تنافر بين بعض خبراء التحكيم لذلك بات عملهم يجري على مبدأ الفعل وردة الفعل، وبالتالي فإن الاستعانة بخبراء تحكيم من الخارج سيقضي على أكثر من نصف المشكلة، ومنها أننا سنجد أن التعيينات ستصدر بتجرد كامل دون أن يكون أي دور للصحبة والمتنفذين.

هناك أمور أخرى يمكن أن تساهم بارتقاء مستوى التحكيم، من خلال تأمين كل المستلزمات والتجهيزات ورفع أجور الحكام والبدء بتنفيذ تقنية الفار ولو ضمن الإمكانيات المتاحة، إضافة لتسريع الاتفاقيات مع دول الجوار والدول العربية بتبادل الحكام وهو موضوع حيوي جداً.

يمكن القول إنه من دواعي تطوير المسألة التحكيمية توسيع قاعدة التحكيم وهذه المهمة يجب أن تقوم بها كل اللجان الفرعية في المحافظات، كون مسؤولية الارتقاء بالتحكيم هي مسؤولية الجميع وليست مسؤولية لجنة الحكام وحدها.

دور الأندية

النادي هو الأساس في الدوري وفي تطوير كرة القدم، والسلبيات التي تخص الأندية هذا الموسم كثيرة وعديدة، السلبية الأولى: أنه لا يوجد في أي نادٍ استراتيجية لكرة القدم ولا يوجد هدف معلن يعمل من أجله النادي، والحقيقة أن الاحتراف المتبع في الأندية أجهز على كرة القدم وقضى على كل بارقة أمل في أي عملية تطويرية.

لذلك فإن نهج الأندية في استقدام لاعبين من أندية أخرى وعدم العناية بلاعبي النادي وخاصة الموهوبين والشباب كان له أثر كبير على الأندية وهي اليوم تدفع ثمنه غالياً لأن الاعتماد على اللاعبين من خارج أسرة النادي يخدمه في مرحلة ولا يخدمه على مر السنوات.

السلبية الثانية هي عدم الاعتماد على مدرب معين، فنجد أن التبديلات وصلت حالة الذروة وأقل ناد بدل طاقمه الفني مرتين، هذا الاضطراب الفني لا يطور كرة القدم بل يقضي عليها، والمفترض انتقاء المدرب أول الموسم بعناية والاعتماد عليه وتقديم كل وسائل النجاح له من دعم ورعاية وأن يشعر بالأمان في هذا النادي ليستطيع تقديم ما عنده، حياة المدربين مع أنديتنا قائمة على كف عفريت فمع أول خسارة يصبح المدرب خارج النادي وقد لا يكون المدرب سبب الخسارة أو تدهور نتائج الفريق، فهناك الكثير من الأسباب الأخرى التي تساهم بسوء نتائج الفريق، هذا الموضوع بحاجة إلى حل ولتكن الفرق العربية والدولية مثالاً لنا، فالمدرب يبقى مع فريقه أكثر من موسم ثم يتم تقييم عمله بعد أن يمنح الفرصة الكاملة.

أيضاً موضوع الانضباط بحاجة ماسة ليكون سارياً في كل الأندية وللأسف وجدنا أن فتيل الشغب بات ينطلق من المدربين والإداريين أولاً ثم ينطلق إلى اللاعبين ومن ثم إلى الجمهور، والمفترض أن تكون إدارات الأندية وكوادر اللعبة خير قدوة للبقية.

ولأن الشغب دمار يجني النادي من خلاله عقوبات ضارة ومؤثرة من أفعال كوادره ولاعبيه فإن الواجب على إدارات الأندية أن تلجم الشغب من خلال ضبط لاعبيها وكوادرها وأن تفرض أقسى العقوبات على كل مرتكبي الشغب مهما كانت صفة المخالف واسمه وحجمه.