اقتصادصحيفة البعث

كيف نلج إلى معقل التصدير العالمي؟

حسن النابلسي

في وقت لا يمكن فيه إنكار القوة التصديرية للصين وغزو منتجاتها للأسواق العالمية برمتها، نؤكد أنه يمكن أن يكون هذا البلد الذي انتزع بجدارة لقب “معقل التصدير العالمي” وجهة مهمة للصادرات السورية!

للوهلة الأولى قد يكون هذا الطرح غير منطقي، إذ كيف لبلد مثل الصين ذات المساحة الجغرافية الهائلة والمنتجة لمعظم المنتجات الزراعية، وذات الصناعات المتعددة في مجالات ربما لا تحصى، أن تكون وجهة مثالية للصادرات السورية؟! فما الذي يمكن تصديره إلى الصين في ظل ظروف اقتصادية تحول دون تأمين الاحتياج المحلي؟!

المخضرمون بالتصدير و”شيوخ كاره” يؤكدون أن الصين تستورد لأجل التصدير، فمعرض كوانزو  – على سبيل المثال لا الحصر –  يشارك فيه أغلب شركات العالم، ويمكن للشركات السورية في حال كانت جادة بالتصدير إبرام عقود تصنيع بعض المنتجات، ولاسيما الألبسة، لصالح بعض هذه الشركات، فهذا عُرف اقتصادي معمول به في أغلب دول العالم.

فإذا كانت المرحلة الأولى تتطلب تصدير مخرجات هذه العقود إلى الصين، فإن الثانية منها ستقتصر على تسليم هذه المخرجات المُصنّعة لصالح الشركات الصينية أو الأجنبية العاملة في الصين ضمن مواصفات معينة، مباشرة من سورية إلى الدول المعتادة أن تستورد من هذه الشركات، وخاصة دول الجوار أو الدول الإقليمية!

يضاف إلى ما سبق وجود جالية عربية – ومنها سورية بطبيعة الحال – لا يستهان بها، وهذه الجالية تتبع أنماطا استهلاكية تفضل صناعات غذائية أو شعبية يبرع السوريون بتصنيعها، ولها سوق رائجة في الصين. وإذا ما علمنا أن منتج مثل “المكدوس” بات يُصدر إلى دول الخليج إثر تعرّف مواطني هذه الدول عليه من قبل الجالية السورية فيها، فإن هذه التجربة ممكن جداً أن تكون أكثر نجاحاً في الصين نظراً لضخامة سوقها، فضلاً عن تصدير بعض المنتجات الزراعية غير المنتجة في الصين، وتتصدرها الوردة الشامية والكمون وحبة البركة والكزبرة.. إلخ!

إن الاشتغال على ولوج سوق العملاق الاقتصادي ليس بالمستحيل، إذا ما وجدت الإرادة والإدارة السليمتين لذلك: الأولى مطلوبة من قطاع الأعمال، ويتشارك في الثانية مع الجهات الحكومية ممثلة بهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات باعتماد آلية دعم استثنائية تشجع المصدرين على توجيه بوصلتهم إلى الصين كإعطاء دعم شحن مجاني، وإقامة معارض للمنتجات السورية، أو حتى فتح أسواق في عديد المدن الصينية للمنتجات السورية، وغير ذلك من خطوات تضمن تكريس “صنع في سورية” في واجهات المحال الصينية.

hasanla@yahoo.com