أخبارصحيفة البعث

زلينسكي المتهم رقم (1)

تقرير إخباري

إن المتابع لمجريات ما بعد هجوم “كروكوس” الإرهابي قرب موسكو يلحظ مدى الإنبراء الأمريكي في الدفاع عن النظام الأوكراني، وإلقاء الملامة على أطراف أخرى مثل “داعش”، رغم عدم مشاركة الإدارة الأمريكية أو حتى دعوتها لأي تحقيقات فعالة وجدية تكشف الحقيقة وتحمي العالم من شر الإرهاب التي لطالما نصبت نفسها “محارباً” لتنظيماته، وهذا بحدّ ذاته دليل دامغ على تحويل الحقيقة إلى مكان آخر ولأسباب تصب في مصالح واشنطن والسائرون خلفها من دول المركزية الغربية.

تظهر مجموعة من الفيديوهات المثيرة للريبة مجموعة من الفتية وخلفهم راية “داعش”، وهم يتوعدون بشنّ ضربات إرهابية ضدّ روسيا، لكن واقع سحناتهم، وطريقة وقوفهم لا تمت بصلة إلى تنظيم إرهابي أفراد قطعانه لا يشبهون سوى الوحوش شكلاً وتصرفاً وتفكيراً، وبطريقة تؤكد أن هناك فبركات أوكرانية -غربية تلوح في الأفق.

وبالتوازي يظهر زلينسكي بمقطع فيديو بطريقة التصوير السينمائي يُعايد المسلمين بشهر رمضان المبارك، وخاصةً من كتيبة “المنصور الشيشانية” الإنفصالية التي كانت تنفذ أعمال القتل ضدّ الشعب الروسي في دونيتسك ولوغانسك منذ عام 2014، في تصرّف يثير الغرابة؛ فزلينسكي في السابع من تشرين الماضي دعا إبان عملية طوفان الأقصى إلى تجنيد كل العالم ضدّ غزة، كما أن الجيش الأوكراني ارتكب الفظائع خلال احتلال العراق عام 2003، وأرسل العديد من جنوده للقتال ضدّ الفلسطينيين في أرضهم المحتلة، فلماذا الآن أصبح فجأة يحتفل بمناسبات المسلمين الدينية؟.

إن ما يجري أمر خطير للغاية، ويحمل دلالات عدّة، أولها كما أسلفنا تبرئة النظام الأوكراني، وتالياً إعادة تسليط الضوء على “الإسلام-فوبيا” وإنعاشها للضغط على الدول العربية، ولصالح تنفيذ مطامع الغرب في الاستعباد ونهب الثروات بالتزامن مع إكمال تشويه الإرث الحضاري للعرب والإسلام، وخاصةً بعد الانتعاش الذي تشهده العلاقات العربية في مضمار التوجه شرقاً، ولا سيما بعد المواقف الأصيلة النابعة من السياستين الخارجيتين لروسيا والصين في غرب آسيا، وليس آخرها استقبال فصائل المقاومة الفلسطينية في موسكو من قبل الرئيس بوتين، والتي تعيد للذهن أمجاد مواقف الإتحاد السوفييتي تجاه العرب وقضيتهم المركزية، فضلاً عن “الفيتو” الروسي -الصيني الذي كان صفعة كبرى لإدارة بايدن التي تعاني الآن رهاباً منعها من استعمال حق النقض للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، كما سبق وكانت تفعل ضد 12 دولة دائمة وغير دائمة العضوية في مجلس الأمن، ورغم أن القرار جاء بعكس مصالح ربيبتها “إسرائيل”، لأن تلك الإدارة باتت تعي وبقوة مدى وزن ولايات تعتمد على أصوات المسلمين، كما باتت تعي خطر عدم قدرتها على إقناع الدول غير الغربية بقضيتي غزة وأوكرانيا لارتباطهما ببعضهما البعض من خلال حجم الدمار وأعداد الضحايا، والتي لم تكن لتقع لولا التغذية الأمريكية للصراعات.

بشار محي الدين المحمد