مجلة البعث الأسبوعية

تحضير السليقة من العادات القديمة المتوارثة  

حمص -صديق محمد

السليقة من أساسيات الاستعداد لفصل الشتاء في سورية وهي من العادات القديمة والمتوارثة عن الأجداد، كانت ولاتزال تجهز من قبل معظم الناس من خلال طقوس خاصة وتلي الانتهاء من جني محصول القمح وعمل البيادر، ومادة البرغل المصنع يدوياً،مادة رئيسية تعتمد عليها العائلات في مؤونة فصل الشتاء، وحالياً مع الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع ثمن البرغل الجاهز عاد الكثيرون إلى الاعتماد على مواسمهم لتأمين بعض احتياجاتهم من هذه المادة الأساسية.

عموماً تجري أعمال الإعداد والتحضير خلال أشهر الصيف وقبل موسم الرطوبة والأمطار حيث تحدد الكمية اللازمة من القمح لحاجة المنزل مؤونة موسمية سنوية.

يقوم أساس العملية على سلق القمح، الذي جرت عليه عملية فصل الشوائب من الحصى والأتربة والتبن والقش وَاضافة المياه للغسيل والتنظيف ثم وبعد وضعه في القدر (الحلة) على النار تضاف المياه بهدف تأمين الماء في بنية القمح اللازم لعملية تجلتن النشاء خلال عملية السلق،ثم تشعل النار تحتها ويستخدم الحطب وكل ما هو متوفر من المواد القابلة للاشتعال ويتم فرش القمح المسلوق على سطح المنزل حتى يجف تماماً مع تقليبه وتعريضه للشمس بشكل مستمر لضمان جفافه كلياً.

تجمع السليقة بعد جفافها الذي احتاج حوالي أسبوع أو أقل وفق الطقس الحار وتعاد غربلتها للتنظيف النهائي قبل أخذها للطاحونة أيام زمان أما اليوم فقد غابت الطواحين وحلت محلها الجاروشة الموجودة في كل قرية،حيث ترطب السليقة الجافة بالماء وتفرك لفترة لتسهيل فصل قشرة القمح “النخالة” عن اللب ثم توضع بالطاحونة الحجرية سابقاً وحالياً في”الجاروشة” التي تتم فيها عملية الجرش وفقاً للنعومة المطلوبة وقبل الطحن يتم اضافة ماء بنسبة 1 – 1.5 % للترطيب من أجل منع تشكل الغبار أثناء الطحن يتم فصل ناتج الطحن وفقاً لحجمه إلى أحجام مختلفة تتميز في استخداماتها المختلفة برغل خشن برغل ناعم و التي تشكل مادة أولية لأغلب الأكلات الشعبية مثل البرغل، سميد الكبة، الكشك وكذلك كمية قليلة من البرغل الناعم جداً عرفت بـ “الصريصيرة”، وكمية قليلة أيضاً من البرغل الخشن جداً ويعرف بـ “الخشانة”، وطبعاً لكل من هذه الأنواع استخدامه بأطباق طعام معينة،ويعتمد أغلب الأهالي على تخزين البرغل لمدة عام من الموسم إلى الموسم، وتلي مرحلة السليقة تأتي عملية الجرش القمح

تترافق السليقة مع صنع الشعيرية التي تتم إضافتها للبرغل من دقيق القمح باستخدام آلة خاصة هذا الطقس مهدد بالاندثار بسبب تراجع الكثير من الأهالي عن صنع السليقة التي تتطلب مجهوداً كبيراً في صناعتها رغم أنها تلقى شعبية كبيرة خاصة عند الأطفال الذين يتجمعون حول الحلة بانتظار أخذ حصتهم منها وخلطها بالزبدة والسكر.